فالصيغة: (/هـ/ه/هـ/ه /هـ/ه //هـ /هـ/ه/هـ) مثلاً لا تنطبق على أي من هذين النسقين، وإن أمكننا قسمتها إلى (مفعولن مفعولاتُ مفعولاتن) فإن (مفعولن) و (مفعولاتن) ليستا من زحافات (مفعولاتُ) على الإطلاق.
وكما قلنا في كتاب الدوبيت: فليس في الشعر خزمٌ ولا خرمٌ .. ولا زحافٌ حشوي ملتزم ..
وإن أي زيادة أو حذف لأي مقطعٍ أو حركة أو حرف من أول الوزن يُحيلُه إلى شيءٍ آخر غير ذلك الوزن.
فبحذف السبب الأول مثلاً، يتحول (الرجز إلى الرمل)، و (الرمل إلى الهزج)، و (المنسرح إلى الخفيف)، و (السريع إلى المديد)، و (المتدارك إلى المتقارب) ..
بل إن حذفَ المتحرك الأول فقط يُحيلُ (الطويلَ إلى السريع)، و (المتقارب إلى اللاحق)، دون أن يعني ذلك كون البحر الثاني من الأول، أو العكس ..
...
ولكي يخرج الغول من هذا المأزق، قرر مسبقاً أنّ ما لم يُطابق تفعيله فهو شاذ. ولذلك فهو يُخَطِّئُ (د. عمر خلوف) في إيراده الدوبيت على صيغةٍ لا توافقُ تفعيلَه البتّة! وينظر إلى تفعيلنا للدوبيت: (فعْلن فعْلن متفعلن مفعولن) متسائلاً: من أينَ جاءَتْ الأسباب الخفيفة الأربعة المتتالية في أول النسق؟ ومن أين أتى الدكتور خلوف بها؟
ويصف معاملتنا لها كأسبابٍ خفيفةٍ، يجوز أن تتحول إلى ثقيلة (بخطرٍ عروضي له عواقب وخيمة على صحة العروض)!!
وهي تساؤلات غريبةٌ لا تصدرُ عن باحثٍ عروضيٍّ يُؤصّل واقعَ الوزن، ولكنه كما يبدو يُؤصّل لما بَناه في خياله أو تمنّاه!!
وليس العلم بالأماني ..
فالغولُ يتبنّى ويتمنّى أن يكونَ السببُ الثالثُ في النسقِ سبباً (نبريّاً كما قال!) يمكن زحافه بحذف الساكن، وذلك لكي ينسجم له النسقُ على (مفعولاتُ)، معتقداً أنه بذلك يثبت عروبة البحر!!
وقد أثبتنا بما لا يدعُ مجالاً للشك أن (مفعولاتُ) هذه، ليس لها مكانٌ في نسقِ الدوبيت، لأنها لا تردُ فيه على الإطلاق .. وإنما الذي يردُ هنا، وعليه واقع الوزن هو: (فعْلن فعْلن) أو (فعْلن فعِلن) أو (فعِلن فعْلن) أو (فعِلن فعِلن) ..
فأين كل هذه الأنساق من (مفعولاتُ) المتوهّمة؟
ويتحدّى الغول أن يأتيَه الدكتور عمر خلوف ببيتٍ واحدٍ من الدوبيت، يبدأُ بأربعة أسبابٍ متتالية، فإنْ لم يستطعْ فعليه أن يُعيدَ نظرته إلى هذه المتحركات المتجاورة [كذا]، ولا يجعل منها أسباباً خفيفةً، وليسَ في ذلك سوى الشجاعة العلمية الأكيدة كما قال!
وأتعجب كثيراً لباحثٍ يُؤصّل لبحر الدوبيت لم يقرأ فيه بيتاً واحداً مما يسألني عنه!
لقد اعتمدتُ في تأصيل الدوبيت على دراسة ألوف الرباعيات، المبثوثة أو المجموعة في كتب الأدب واللغة والشعر، ولم أبْنِ دراستي على مقالةٍ أو مقالتين منشورتين على الشبكة العنكبوتية ..
فهل سيتحلّى الغول بالشجاعة العلمية التي دعاني إليها، إن وافيته بطلبه، ويُعيد نظرته في كل ما كتبه عن الدوبيت .. وأن يكون فيما يكتبه منسجماً مع واقع الشعر، لا مع ما تحمله عليه عاطفته وأمنياته.
فها أنذا يا سيدي أوافيك بعدد من الأبيات التي بدأت بأربعة أسباب متتالية، وهي من الأشكال المستخدمة بكثرة، أشار إليها القرطاجني من القدماء، وغيره من المعاصرين.
فقد وردَ هذا الشكلُ في قول الباخرزي في القرن الخامس الهجري:
يا مَنْ أضْحى وما لَهُ مِنْ ثاني
وفي قول ابن أبي الخير:
إِفْتَحْ ليْ أبْوابَ فُتوحٍ وفِتاحْ
وكذلك في قول الدَّوَوي:
يا مَنْ أدْعو فيستجيب الدّعْوى
أنتَ المُبْلي، فكنْ مُزيلَ الشكْوى
وقول عرقلة الكلبي:
لا تقْتلْ بالصّدودِ صبّاً يهواكْ
وقول ابن الجوزي:
عِزّي ذلّي، وصحّتي في سَقَمي
عذّالي كفّوا، فَمَلامي ألَمي وواضح أن في بداية الشطر الثاني خمسة أسباب متتالي!
ووقول المَحار الحلبي:
ترْكيُّ اللَّحْظِ بابليُّ المُقَلِ
لمْ يُكْحَلْ طرْفُهُ بغير الكَحَلِ
بل سأوافيك بما بدأ بستة أسباب متتالية، وانتهى بثلاثة منها، وليس ذلك بقليل:
يقول المنصور صاحب حماة:
قالوا مهْلاً ما في الْبُكا مِنْ نَفْعِ
ويقول العتّابي:
لا تمزجْ أقداحي، رعاكَ اللهُ
ويقول ابن الفارض:
يا حاديْ قِفْ بي ساعةً في الرّبْعِ
ويقول الهادي اليمني:
فاذْكُرْ لُبْنى والسّفْحَ مِنْ لبنانا
ويقول أبو البحر الخطي:
ردّي لِي الماضي، واذْهبي بالباقي
وغير ذلك كثير.
إن ما عدّه الغول شاذاً هرباً منه إلى مبتغاه ليس كذلك، فأكثره مستعمل في الدوبيت، كما رأينا وأثبتنا، وإن قلّ.
ومن أراد أن يحمل وزناً على تفعيلة ما كما فعل الخليل، فإنّ عليه أن يُثبت لنا أن تلك التفعيلة بتكرارها تمثّل ذلك الوزن، كما مثلت (متفاعلن) الكامل، و (فعولن) المتقارب، و (مفاعيلن) الهزج ... الخ، وذلك بظهورها وتبادلها الموقع مع بدائلها الأخرى، حتى لو كان البديل أكثر استخداماً من الأصل.
فهل مثّلت (مفعولاتُ) إيقاع (الدوبيت) حقاً؟
الدكتور عمر خلوف- الرياض/يناير 2014
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[20 - 02 - 2014, 09:15 ص]ـ
غالب الغول / والدوبيت , الرد ثانية على الدكتور عمر خلوف
http://ukkaz.ahlamontada.com/t1552-topic
¥