والبحر المتدارك يشذ عن هذه القاعدة العروضية فتأتي جميع أجزائه مشعّثة، أي يصيب التشعيث وهو علة من علل النقص عروض المتدارك وضربه إضافة إلى حشوه، وذلك بحذف أول الوتد المجموع (العين) أو ثانيه (اللام) في فاعلن فتصبح (فالن) أو (فاعن) وتنقل إلى (فعْلُنْ)
ولقد رأينا في المتدارك كيف أن الخليل نظم في هذا الوزن ليكون أول خارج على ما سنه من أحكام عروضية، إلا أنه فطن لذلك أثناء نظريته فغض الطرف عن هذا الوزن مضحيا من أجل الإبقاء على نظريته خالية من الثغرات والعيوب.
1 – دليل قاطع على أنـ[ـه استبعد] هذا الوزن عن عمد
أنّى للخليل أو أرسطو أو حتى كيري استبعاد هذا الوزن 2 3 2 3 2 3 2 3 من دوائر الخليل وهو موجود عليها حقيقة وواقعا.
2 - حفاظا على نظريته في الزحاف والعلل أن يصيبها خلل
نظرية الخليل في الزحاف والعلل تنطبق على هذا البحر فيزاحف حشوه بمعنى يحذف ساكن سببة 2 3 تتحول إلى 1 3، وقد يلحق ضربه القطع، أي قد يكون آخر مقطعين في ضربه 2 2
3 - فإبقاؤه على المتدارك ضمن إطار نظريته العروضية من شأنه أن يصيبها في الصميم.
المتدارك شأنه شأن كل البحور المهملة مركب من أسباب وأوتاد لكل منها في ذاته نفس الخصائص التي لكل الأسباب والأوتاد في الدوائر. ومن يشك في أن المتدارك بحر مهمل فليستعرض الشعر العربي وليقل كم قصيدة جاءت عليه تاما أي على الوزن 2 3 2 3 2 3 2 3 لكل شطر. أما مجزوءاته التي استجد النظم عليها فللرقمي نظرة إليها من ضمن بحور الخليل كما يوضح ذلك. وسواء اعتبرنا المتدارك مهملا أو غير مهمل فإنه لا يصيب نظرية الخليل لا في الصميم ولا في الأطراف.
4 - ألا وهو موضوع العلل حيث أن العلة تطرأ على عروض البيت وضربه فقط دون أن تتناول الحشو منه
العلة لا تدخل على حشو المتدارك لا من قريب ولا من بعيد.
5 - البحر المتدارك يشذ عن هذه القاعدة العروضية فتأتي جميع أجزائه مشعّث.
كيف استنتج الأستاذ هذا من من المقدمات التي ذكرها؟ هكذا يطغى الذاتي على الموضوعي.
5 أ - من قالوا بالقطع أكثر انسجاما مع أوهامهم من القول بالتشعيث فالتشعيث غير لازم يعني يمكن أن تأتي 2 2 مرة و 2 3 أخرى
5 ب – الخليل لم يقل إن الخبب هو المتدارك فكيف يفرض ذلك على دائرته؟ ثم يزعم أن في المتدارك الذي في الدائرة قطع أو تشعيث في الحشو؟؟
إن صح نظم الخليل على الخبب فإنه من الممكن أن يحمل على أنه تعبير من الخليل على أن الخبب لا علاقة له بدوائره.
6 - والبحر المتدارك يشذ عن هذه القاعدة العروضية فتأتي جميع أجزائه مشعّثة، أي يصيب التشعيث وهو علة من علل النقص عروض المتدارك وضربه إضافة إلى حشوه، وذلك بحذف أول الوتد المجموع
حسنا سأعيد صياغة هذه العبارة بالشكل الذي يناسبني وليقارن القارئ بين صياغتي وصياغة كل من يتبنى هذا القول سواء استعمل تعبير التشعيث أو القطع في الحشو
والبحر المتقارب يشذ عن هذه القاعدة العروضية فتأتي جميع أجزائه مخرومة، أي يصيب الخرم وهو علة من علل النقص عروض المتقارب وضربه إضافة إلى حشوه، وذلك بحذف أول الوتد المجموع
بل ما رأيكم بالعبارة التالية:
والبحر الكامل يشذ عن هذه القاعدة العروضية فتأتي جميع أجزائه حذّاء، أي يصيب الحذذ وهو علة من علل النقص عروض المتدارك وضربه إضافة إلى حشوه، وذلك بحذف الوتد المجموع
كلها عبارات للتحايل لإدخال الخبب في عداد البحور. البحور تنتمي إلى الإيقاع البحري والخبب إيقاع قائم بذاته وليس بحرا.
7 - ولقد رأينا في المتدارك كيف أن الخليل نظم في هذا الوزن ليكون أول خارج على ما سنه من أحكام عروضية،
رأينا كيف نما الوهم في العبارات السابقة من الأسفل للأعلى بأقدام وهمية ثم جذع وهمي وفي هذه العبارة اكتمل رأسه عجيبا غريبا ليعطينا كائنا عششّ في ذهن الكثيرين وأفصح أستاذنا في التعبير عنه بشكل رائع.
8 - إلا أنه فطن لذلك أثناء نظريته فغض الطرف عن هذا الوزن مضحيا من أجل الإبقاء على نظريته خالية من الثغرات والعيوب.
وهنا يبدأ الوهم يستعمل أحمر الشفاه ويرتدي ربطة عنق وينمو له منقار وقرنان
[فطن الخليل فغض الطرف عن المتدارك لتلافي القول بالقطع أو التشعيث في الحشو]
مقتضى هذا القول في سياق الوهم أن يضيف
[غفل الخليل ولو فطن لغض الطرف عن المتقارب لتلافي القول بالخرم في الحشو]
وكذلك
[غفل الخليل ولو فطن لغض الطرف عن الكامل والوافر لتلافي القول بالحذذ في الحشو]
سأل رجل عمرو بن قيس عن حصاة المسجد يجدها الإنسان في خفّه أو ثوبه أو جبهته؟!
فقال له: إرم بها! فقال الرجل: زعموا أنها تصيح حتى ترد إلى المسجد.
فقال عمرو بن قيس: دعها تصيح حتى ينشق حلقها.
قال الرجل: أولها حلق؟ قال: فمن أين تصيح إذن!
إذا كانت الحصاة تصيح فلا بد أن لها حلقا
وإذا كان الخليل قد قال إن الخبب من المتدارك فلا بد أنه قال بالتشعيث أو الخرم أو الحذذ في الحشو
ومن شاء أن يتعرف إلى جانب من الاضطراب في العروض العربي فيما يخص هذه القضية عبر التاريخ فليطع على ما كتبه د. بشير بديار:
https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/dr-bidyar-mutadrak-hkabab
وقد لعب ذلك دورا في حجب مفهوم التخاب عن ذهن العروضيين العرب ولا زال محجوبا.
الرقمي هو أول محاولة في التاريخ لاستقراء تفكير الخليل واستكناه منهجه في (علم العروض)
وإزالة ما علق به من أوهام التجسيد التي لا تضير (العروض) ولكنها تقتل (علم العروض)
يرحم الله الخليل كم ظلمته أمته، وكم ظلمت نفسها بعدولها عن منهج التفكير إلى منهج الحفظ
حيث صارت تتناول ما يقدم لها دون تمحيص، فتسهل برمجتها في كل مجال.
إن الإصرار بعد كل هذا على القول: "إن الخبب بحر وأن فعْلن تفعيلة"
شبيه بالقول " عنزة ولو طارت "