1 ـ لَعِبَ الدّهْرُ في ثَراهُ صَبِيًّا واللّيالي كَوَاعِبًا غَيْرَ عُنْسِ
2 ـ فَتْرَةُ الدّهْرِ قَد كَسَت سَطْريها ما اكْتِسِى الهُدْبُ مِن فُتُورٍ وَنَعْسِ
3 ـ وِيْحِها كَمْ تَزَيّنَتْ لِعَلِيمٍ واحد الدّهْرِ واسْتَعَدّت لِخَمْسِ
الدهر في الأبيات الثلاثة علامة تحيلنا على معانٍ جدليّة بين التقليد والثورة، أو النص والمرجع، فبطريقة ما يتغذّى النص المعارض من مرجعه، ولكن ما نكتشفه من تجربة النص المعارض يمكن أن يغيّر النص المعارض حقائق ثابتة وراسخة في الثقافة العامة بين النصين، فالنص المعارض يستخدم علامات تدل على رموز قديمة مسندًا إليها معنى جديدًا، أو علامات جديدة مليئة بمعان تقليدية قديمة كما سوف نرى.
فالدهر في الأبيات الثلاثة علامة تكسب الطبيعة (أبو الهول ورمال الصحراء في البيت/ 1، والجامع الأموي في البيتين/ 2، 3 بُعدًا زمنيًّا، وتشير هذه العلامة إلى التجاذب بين التجديد الثوري أو الإحياء ـ حسب ما شائع ومعروف ـ واحترام السنن والتقاليد الشعرية لأنموذج القصيدة العربية الكلاسيكية، ممثلة في تجربة شوقي المرتبطة بتجربة البحتري، وهي تجربة يمكن وصفها بـ " المتجاوزة" إذا جاز التعبير، لأن الرؤى داخل نص شوقي تبدو ـ شكليًّا ـ مصنوعة من المرجع/ نص البحتري، وتجسِّد في بنيتها الشكلية تجربة المرجع، ولذا فهي تشعر القارئ دائمًا بما هو مرجعي وتقليدي، ولذا عمد شوقي إلى تجاوز المرجع بإنشاء الرموز وترجمتها إلى علامات أثبتت قدرتها على استيعابها للرمز بأن حوّلت العنصر الحيوي في الاستعارة (الدهر) من قوة تحول دون تحقيق البحتري هدفه في النص المرجع، إلى علامة تضفي على الطبيعة تحضّرًا/ أبو الهول، وتضفي على الأثر الإسلامي تعظيمًا وتقديسًا/ الجامع الأموي (فترة الدهر قد كست سطريها: أي صفيها)، (ويحها كم ... أي كم تزينت لعالمٍ ولإقامة الصلوات الخمس).
إن مصطلح " الدهر" هو رمز طبيعي للزمن، تحوّل في نص البحتري إلى علامة على القوة السلبية، وتحوّل في نص شوقي بحساسية سيميائية شديدة إلى عنصر يضفي على الطبيعة تحضّرًا، وعلى الأثر الإسلامي فخامة وتقديسًا؛ لأن المعنى لا يكمن في قيمة الرمز فحسب، بل فيما تحيل عليه العلامة، لأنه من المؤكد أن معنى الدهر في الأبيات الثلاثة ليس سلسلة من الإشكاليات الزمانية حول تاريخ ما، أو مكان ما، بل سلسلة لا يمكن التحكُّم فيها من التداعيات الذهنية والعقلية والدينية، يسقطها كل عالم بقيمة أبي الهول والجامع الأموي الثقافية والدينية. بعبارة أخرى؛ فإن العلامة اللغوية داخل سياقها، هي التي تنظم هذه التداعيات وتؤطّرها.
ـ[أحمد عاطف]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 03:30 ص]ـ
شكرا لك أخى الكريم تقديم رائع ولكن حبذا لو ذكرت مصادرك ومراجعك أو قمت بإفراد مجال أوسع للبحث.
ـ[إبراهيم براهيمي]ــــــــ[10 - 09 - 2008, 02:06 م]ـ
أحيك أخي الكريم على هذا الاهتمام
ورد في التقديم
نشر هذا البحث في مجلة سيميائيات (مختبر السيميائيات ـ الجزائر)
واليك عن صاحب الدراسة
xxx
د. عبد الفتاح أحمد يوسف
الدرحة العلمية: الدكتوراة
التخصص: اللغة العربية
الهاتف: 4735270#162
البريد الالكتروني: a_fathah_youssef@hotmail.com
# المشرف #
ـ[أحمد عاطف]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 04:09 م]ـ
شكرا لك أخى الكريم على إستجابتك بالرد على سؤالى وكنت اتمنى منك أن ترفق لنا المقال مصور حتى نستطيع الأستفادة منه لأنه مقال جيد وذلك لعدم وجود المجلة لدينا لا نحتاج إلا إلى المقال وعنوان المجلة ولذلك للتوثيق فضلا لا أمر.
ـ[إبراهيم براهيمي]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 02:29 ص]ـ
عليه السلام
حياك الله أخي الكريم
أتمنى أن أوفق الى ذلك مستقبلا ان شاء الله
دمت موفقا
ـ[كريم سعيد]ــــــــ[04 - 02 - 2009, 07:49 م]ـ
شكرا لك على هذا الموضوع تقبل تحياتي