ـ[إبراهيم براهيمي]ــــــــ[02 - 08 - 2008, 01:51 ص]ـ
البسملة1
السيمياء والاستعارة في شعر المعارضات
مقاربة سيميائية في تحليل النصوص وعلاقتها بمرجعياتها
يوسف عبدالفتاح
الملخص
هذا بحث في استراتيجية العلاقة بين الاستعارة وعلم العلامات في شعر المعارضات، ويهدف البحث إلى مناقشة دور الاستعارة في فهم وتفسير العلاقة بين الرمز/ الأثر في النص التراثي، والعلامة اللغوية في النص الإحيائي؛ لأن البحث في استراتيجية هذه العلاقة، سيكشف عن الحدود المعرفية التي يقف عليها النص، حيث لجأ شعراء المعارضات إلى الاستعارة كنسق معرفي لنقل ما يعرفون من الظواهر الشعرية التراثية، لتشكيل الواقع الشعري الجديد. ويمكننا النظر إلى الاستعارة – ها هنا- ليس بوصفها أسلوبًا بلاغيًّا تقليديًّا يعتمد على التشبيه؛ بل ننظر إليها بوصفها أداة معرفيّة، وبوصفها أيضًا فكرة داخل الخطاب تساعد على كسر دوائر الإدراك الجامد للشعر آنذاك، وإظهار قدرة الفكر الإحيائي على توليد الدلالات المختلفة، ومعنى ذلك أن الاستعارة تعدّ أداة لتطوير المفاهيم، ووسيلة لخلق واقع، وليست لتزيين الواقع كما هو الحال في البلاغة القديمة.
في هذا السياق المعرفي يمكن مساءلة العلاقة بين النص (المستعار منه)، والنص (المستعار له)، (أو النمط الثابت/ سينية البحتري، والنمط المتحوِّل/ سينية شوقي)، ومن خلال هذه المساءلة، يمكننا التوصّل إلى: ما الذي حذف؟، وما الذي تبقى؟. وهنا يمكن التعامل مع الاستعارة بوصفها أداة معرفية تكشف عن علاقة (العلامة) بـ (الرمز) من ناحية، والعلامة بوصفها أثرًا كتابيًّا يفصح عن الرمز الثقافي وآلية استدعائه، وإحالاته من ناحية أخرى. والرمز يمد العلامة بالدلالة من خلال وجوده فيها، وبالتالي سيكون استحضارنا له من خلال علاقة التناسب بين الدال والمدلول، أو العلة والمعلول بلغة الفلسفة، وهي علاقة تناسب من نوع استعاري، فالعلامة (الأثر الكتابي داخل النص) تستعير الرمز (الأثر الثقافي داخل الثقافة) ليؤكدها ويمنحها دلالتها. في هذا السياق، يكون العمل الاستعاري مبررًا، والسؤال الآن، ألا يمكن أن تعدّ هذه العلاقات مجالاً لبناء ثقافي؟ لا سيما إذا ما وضعنا في الاعتبار أن علم السيمياء في اللغة يهتم بدراسة المعاني التي تقف خلف الإشارات والعلامات عبر التواصل اللغوي بين أبناء الجيل الواحد، أو بين الأجيال المتعاقبة داخل ثقافة ما
ولهذا سيرتكز اهتمامنا في هذه الورقة على تحديد ماهية العلامة داخل النص المعارِض، ودراسة توظيفها في عملية الاستعارة ونقل الرموز من حقل ثقافي/ نصي، إلى حقل نصي/ كتابي تربط فيه بين الكلمات والأشياء التي ترمز إليها هذه الكلمات من خلال واسطة وهي الاستعارة، فالعلامة تربط بين الدال والمدلول، ولذا فإن تحليل العلامة سوف يكشف عن عمليات تولّد الدلالة وحل الشفرة التي تجمع بين الدال والمدلول، ونحن في هذا السياق بحاجة إلى أمرين: الأول، تحليل العلاقة بين الكلمات والأفكار، والثاني: تحليل العلاقة بين الأفكار والأشياء، فالرمز يمثل الدال، والفكرة تمثل المدلول، والعلامة تمثل عنصر الإحالة بواسطة الاستعارة، وتحليل العلامة يجب أن يضع في أولوياته هذه الأمور. وسوف نفترض سلفًا أن النص المعارِض ينوّع التفاصيل، ويغيّر من معارفه باستمرار ليحرز اختلافًا ما مع المرجع، وتشابهًا ما مقبولاً مع الواقع.
والبحث الراهن، يختبر فرضية أن هناك بناءً سيميائيًّا يربط بين نصوص المعارضات ومرجعيتها، يهدف إلى التواصل المعرفي عن طريق إدماج النصوص بمرجعيتها، وهذه العملية تؤكد فكرة البناء الاستعاري للنص، بمعنى أن استعارات النص المعارض هي أساس بنائه، مما يجعلنا نتطرق إلى الجوانب التداولية والدلالية في هذه النصوص، ووضع الخطوط العامة للبحث وتوجهاته المعرفية بتحديد مفهوم " الانزياح التداولي" من خلال التمييز بين التواصل الخطابي بين نصين متوازيين مثل نصوص النقائض (حيث يدخل النص الثاني في سباق معرفي مع النص الأول حتى يتمكن من إزاحة النص الأول والإحلال محله، ثم يتبدل وضع النص الأول بدافع الإزاحة ليدخل في صراع معرفي لإزاحة النص الثاني .. وهكذا تستمر عمليات الإحلال والإزاحة والتداول مستمرة ..)، أو نصين متعارضين
¥