ملتقي اهل اللغه (صفحة 3031)

حسن ارتباط المقسم به بالمقسم عليه في سورة الضحى

ـ[عائشة]ــــــــ[25 - 08 - 2008, 02:39 م]ـ

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

قال الله تعالى: {وَالضُّحَى * واللَّيلِ إذا سَجَى * ما ودَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}

أقسم - سبحانه - بالضُّحى، والليل إذا سَجَى على إنعامه على رسوله، وإكرامه له، وإعطائه ما يُرضيه، وذلك متضمِّن لتصديقه له، فهو قسم على صحَّة نبوته، وعلى جزائه في الآخرة، فهو قَسَم على النبوَّة والمَعاد.

وأقسم بآيتين عظيمتين من آياته، دالَّتيْن على ربوبيَّته، وحِكْمته، ورَحْمته؛ وهما: الليل والنهار.

فتأمَّلْ مطابقة هذا القسم - وهو: نور الضُّحى الَّذي يُوافي بعد ظلام الليل - للمقسم عليه - وهو: نور الوَحْي الذي وافاه بعد احتباسه عنه، حتى قال أعداؤه: ودَّعَ محمَّدًا ربُّه -؛ فأقسم بضوء النهار بعد ظلمة الليل على ضوء الوَحْي ونوره بعد ظلمة احتباسه واحتجابه.

وأيضًا: فإنَّ فالق ظلمة الليل عن ضوء النهار هو الذي فلق ظلمة الجَهْل والشِّرك بنور الوَحْي والنبوَّة؛ فهذان للحسِّ، وهذان للعقل.

وأيضًا: فإنَّ الذي اقتضَتْ رحمته ألاَّ يترك عبادَه في ظلمة الليل سَرْمدًا، بل هداهم بضوء النهار إلى مصالحهم ومعايشهم= لا يليقُ به أنْ يتركهم في ظلمة الجهل والغيّ، بل يهديهم بنور الوَحْي والنبوَّة إلى مصالح دنياهم وآخرتهم.

فتأمَّلْ حُسْنَ ارتباط المُقسَم به بالمُقسَم عليه، وتأمَّلْ هذه الجزالة والرَّوْنَق الذي على هذه الألفاظ، والجَلالة التي على معانيها.

انظر: " التبيان في أقسام القرآن " للإمام ابن قيم الجوزيَّة - رحمه الله -.

.

.

.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015