ـ[المعقل العراقي]ــــــــ[05 - 01 - 2009, 08:21 ص]ـ
البسملة1
الحمد لله
في باب المغالطة، والمغالطة المعنوية
قال أ. د. سالم آل عبد الرحمن:
وأعلم بأن الغلط هو كل شئ يعيا الإنسان عن جهة صوابه من غير تعمد، وقد غالطه مغالطة. والأغلوطة: الكلام الذي يُغلط به ويُغالط به (اللسان – غلط).
وقال: وهي تسمية لعبد القاهر، سماها السكاكي " الأسلوب الحكيم " (مفتاح العلوم، ص 155) وذكرها السيوطي باسم " مجاوبة المخاطب بغير ما يرتقب " (شرح عقود الجمان، ص 29)، وهي من خلاف مقتضى الظاهر. وقد وجدنا ابن الأثير قد توقف عندها فذكر " وهذا النوع من أحلى ما استعمل من الكلام وألطفه لما فيه من التورية. وحقيقته: أن يذكر معنى من المعاني له مثل في شئ ونقيض، والنقيض أحسن موقعاً، وألطف مأخذاً " (المثل السائر: ج 2 – ص 215).
وعنها أورد ابن البناء المراكشي قوله:" المغالطة: وهو الخطاب بأقوال كاذبة يحصل عنها ظهور ما ليس بحق أنه حق " (الروض المريع، ص 81).
وكنت قد تأملت عند صاحب الفوائد قوله عنها:" المغالطة: ذكر الشئ وما يتوهم مقابلاً له، وليس كذلك " (ابن القيم الجوزية - الفوائد، ص 123).
ولا يفوتنا أن نعرج على حضرة صاحب البرهان لنأخذ مقتطفه عنها حيث يقول بعد أن ربطها بالتورية:"وتسمى الإيهام، والتخييل، والمغالطة، والتوجيه، وهي أن يتكلم المتكلم بلفظ مشترك بين معنيين: قريب وبعيد، ويريد المعنى البعيد، ويوهم السامع أنه أراد القريب " (الزركشي، البرهان في علوم القرآن - ج 2، ص 445).
ثم قال آل عبد الرحمن: أما موضوع المغالطة المعنوية فخذها من قول العلوي الذي ذكر: " اعلم أن المغالطة المعنوية: هي أن تكون اللفظة الواحدة دالة على معنيين على جهة الاشتراك فيكونان مرادين بالنية دون اللفظ، وذلك لأن الوضع في اللفظة المشتركة أن تكون دالة على معنيين فصاعداً على جهة البدلية. هذا هو الأصل في وضع اللفظ المشترك، فاذا كان المعنيان مرادين عند إطلاقها فإنما هو بالقصد دون اللفظ. والتفرقة بين المغالطة والألغاز هو: أن المغالطة –كما ذكرنا- إنما تكون بالألفاظ المشتركة، وهي دالة على أحدهما على جهة البدلية وضعاً. وقد يرادان جميعاً بالقصد والنية، بخلاف الألغاز فانه ليس دالا ً على معنيين بطريق الاشتراك، ولكنه دال على معنى من جهة لفظه، وعلى المعنى الآخر من جهة الحدس، لا بطريق اللفظ، فافترقا بما ذكرناه " (الطراز- ج 3، ص 63).
ومثالها قول المتنبي:
يشلهم بكل أقب نهد .... لفارسه على الخيل الخيار
وكل أصم يعسل جانباه ... على الكعبين منه دم ممار
يغادر كل ملتفت إليه ... ولبته لثعلبه وجار (*)
فالثعلب: هو الحيوان المعروف، والثعلب: هو طرف سنان الرمح مما يلي الصعدة، فلما اتفق الاسمان حسن لا محالة ذكر الوِجار. ولما كان " الو ِجار" يصلح لهما جميعاً، فاللبة وِجار ثعلب السنان، وهو بمنزلة جحر الثعلب أيضاً.
(*) يشلهم: يطردهم
الأقب: الضامر البطن
النهد: العالي المرتفع
الأصم: الشديد الذي ليس بأجوف
يعسل: يضطرب
الكعبان: اللذان في عامل الرمح
الممار: السائل الجاري
الثعلب: الحيوان المعروف
الوجار: بيت الثعلب