ملتقي اهل اللغه (صفحة 2997)

المماتنة، مقتضى الحال، تعريف البلاغة، ومقتضى الظاهر

ـ[المعقل العراقي]ــــــــ[10 - 01 - 2009, 12:25 م]ـ

البسملة1

((المماتنة))

قال أ. د. سالم آل عبد الرحمن:

المماتنة هي المباعدة في الغاية، وسيرٌ مماتِن: بعيد، وسار سيراً مماتناً، أي بعيداً.

ويقال: ماتَنَ فلانٌ فلاناً: عارضه في جدل أو خصومة.

وقد جاء صاحب نضرة الاغريض في نصرة القريض المظفر بن الفضل العلوي عليها فقال:

أما المماتنة فهي تنازع الشاعرين بينهما بيتاً يقول أحدهما صدره، والآخر عجزه – ص 194.

وعن:

((مقتضى الحال، وتعريف البلاغة))

قال سالم آل عبد الرحمن: مقتضى الحال هو أن يكون الكلام مطابقاً للحالة أو الموقف التي يتحدث فيه. وقد جاء عند الحطيئة:

تحنّنْ عليّ هداك المليك .... فان لكل مقام ٍ مقالا

وتحدث عنه البلاغيون وقالوا: إن خير الكلام ما كان مطابقاً لمقتضى الحال، وقالوا: إن لكل مقام ٍ مقالا (ينظر الحيوان، ج 1 – ص 201 وكذلك كتاب الصناعتين، ص 21، 27).

وكان الخليل بن أحمد قد أومأ إلى " مطابقة الكلام لمقتضى الحال "، ونقل سيبويه عنه في باب " عدة ما يكون عليه الكلم "،" وزعم الخليل أن هذا الكلام لقوم ينتظرون الخبر " (الكتاب ج 4 – ص 223). ودعا الجاحظ إلى مطابقة الكلام لمقتضى الحال (ينظر البيان ج 1 ص 93)، وقال: " ولكل مقام مقال، ولكل صناعة شكل " (ينظر الحيوان ج 3 – ص 369)،وقال: " وقد أصاب كل الصواب من قال: " لكل مقام مقال " (ينظر الجواري – رسائل الجاحظ ج 2، ص 93 - وكذلك يسدد نحو الحيوان في ج 3، ص 43).

وقال آل عبد الرحمن: وذكر العسكري هذه العبارة (انظر كتاب الصناعتين، ص 21وكذلك 27)،وربط البلاغيون حسن الكلام وقبحه بانطباقه على مقتضى الحال وغيره، فقال يوسف بن أبي السكاكي: " إن مدار حسن الكلام وقبحه على انطباق تركيبه على مقتضى الحال، وعلى لا انطباقه " (انظر مفتاح العلوم، ص 84).

ثم أضاف: ولقد عرفوا ((البلاغة)) بأنها: " مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته "

أنظر: الإيضاح في شرح مقامات الحريري لأبي المظفر ناصر بن المطريزي، ص9.والتلخيص في علوم البلاغة للخطيب جلال الدين القزويني، 33،وشروح التلخيص ج 1 - ص 124.والمطول في شرح تلخيص القزويني لسعد الدين التفتازاني، ص 25،والأطول (الشرح الأطول على تلخيص القزويني لعصام الدين إبراهيم بن محمد بن عربشاه الاسفراييني، ج 1 – ص 30).

ومقتضى الحال مختلف، لأن مقامات الكلام متفاوتة، فمقام التنكير يباين مقام التعريف، ومقام الإطلاق يباين مقام التقييد، ومقام التقديم يباين مقام التأخير، ومقام الذكر يباين مقام الحذف، ومقام القصر يباين خلافه، ومقام الفصل يباين مقام الوصل، ومقام الإيجاز يباين مقام الإطناب والمساواة، وكذا خطاب الذكي يباين خطاب الغبي.

قال آل عبدالرحمن: وقد جئت على هذه المقامات في مناظراتنا في اللغة بتفصيلات أدق وأشمل.

ثم أضاف:

وانتهى الخطيب القزويني إلى أنّ " ارتفاع شأن الكلام في الحسن والقبول بمطابقته للاعتبار المناسب، وانحطاطه بعدم مطابقته له. فمقتضى الحال هو الاعتبار المناسب، وهذا أعني تطبيق الكلام على مقتضى الحال هو الذي يسميه الشيخ عبد القاهر بالنظم" - ينظر الإيضاح ص 9 – التلخيص ص 33 - 35.

وعن:

((مقتضى الظاهر))

قال آل عبدالرحمن:

أما مقتضى الظاهر: فهو في أن يكون الكلام مطابقاً للواقع، أو أن تؤدي الجمل والعبارات المعنى الذي تحمله الألفاظ، أي: ليس فيها تأويل وتوجيه غير ما تدل عليه الكلمات، أو الكلام في الظاهر (ينظر شرح عقود الجمان في علم المعاني والبيان لجلال الدين السيوطي – ص 27).

وقد يخرج الكلام على ذلك فيقال: إنه خرج على مقتضى الظاهر، ومن ذلك "الالتفات" و " القلب" و "الأسلوب الحكيم " وغيرها ... وقد أوردنا تفاصيل كثيرة في بحوثنا ومحاضراتنا في هذا الباب.

ثم أضاف: ولقد أثبتنا بما لا يقبل الدحض أن هذه الفنون والمقامات كانت من نصيب جهابذة العرب وهم لا ينازعون فيها فلقد سبقوا غيرهم من الأمم في تأصيلاتها البحثية، وكان كثير من فلاسفة النهضة في أوربا بخاصة قد اعتمدوا مناهجها في البيان والمحاضرة والبحث والمثاقفات أيضاً، ولم نر العزو منهم للأصول وهذا يرد ويحجم منهج العدالة والأمانة الفكرية التي يتبجحون فيها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015