ملتقي اهل اللغه (صفحة 2950)

(ليس كمثله شيء) هل يجوز أن تكون (مثل) هي الزائدة؟

ـ[ابن الطويل الجيزي]ــــــــ[16 - 03 - 2009, 11:59 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم.

هذه الأية من سورة الشورى، في معظم ما قرأت من تفاسيرها، قالوا: إن الكاف زائدة، لأن إثبات معناها ينفي شبيه المثل، ونفي شبيه المثل يقتضي إثبات المثل لله عز وجل.

ثم قرأت كلاماً للدكتور محمد عبد الله دراز رحمه الله مفاده أن إثبات معنى الأداتين قمة البلاغة، لأن نفي شبيه المثل، يقتضي نفي المثل في النهاية، لأننا لو فرضنا وجوده كمِثل، لاقتضى ذلك وجود مثل المثل، وهو الله عز وجل ووجوده ثابت قطعاً، فيكون نفي مثل المثل نفياً للمثل.

لكن هذا التوجيه لم يشف غليلي، لأنه إذا كان مراد الأية نفي المثل أو الشبيه فلماذا جاءت بظاهر يوهم غير ذلك؟؟

ثم خطر لي بعد ذلك ـ علماً بأني لست من أهل العلم وإنما أنا مجرد قارئ مطلع جزئياً ـ خطر لي أن أسئل: لماذا لا تكون مثل هي الزائدة؟؟

فمثل تزيد في غير وجود الكاف، لغير التمثيل، كقول ابن الدغنة لأبي بكر رضي الله عنه: إن مثلك لا يخرج ولا يُخرَج، ولم يرد إلا أبابكر، وقول المتنبي: أرق على أرق ومثلي يأرق، ولم يرد إلا نفسه.

ويبدو لي أن معنى مثل هنا الذي له صفات، أي الذي له صفاتك لا يخرج، والذي له صفاتي يأرق، ويكون معناها في الآية (ليس كالذي له صفاته شىء) ومثل بهذا المعنى تكون معللة للخبر بنسبته إلى الصفات.

فهل هذا المعنى يمكن قبوله؟ علماً بأني لست عالماً وإنما مجرد متأمل، وما وجدتم من خطأ فقوموه.

ـ[عائشة]ــــــــ[18 - 03 - 2009, 08:53 ص]ـ

ذَكَّرني هذا بما قرأتُهُ في (تفسير الصَّافات)، للعلاَّمة ابنِ عُثيمين -رحمه الله-؛ حيثُ قال -عند تفسيرِ قوله تعالَى: ((لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ العَامِلُونَ)) -:

(وقوله: ((لِمِثْلِ هَذَا)):

قال بعضهم: إنَّ (مِثْل) -هُنا- زائدةٌ؛ أي: لهذا فليعمل.

وقيل: بل هي غيرُ زائدةٍ، أصليَّةٌ، وأنَّ (مثل) يؤتَى بها للتَّعظيمِ والمُبالغةِ. فإذا كانَ الإنسانُ يُطلبُ منه أن يعملَ العملَ لمثلِ هذا؛ فما بالكَ بنفسِ هذا؟

يقولون: إنَّ المثلَ مُلحقٌ بمثيلِهِ إلحاقًا؛ كالمشبَّه مُلحقٌ بالمشبَّه بهِ. فمرتبةُ المشبَّه به أعلَى من مرتبة المشبَّه.

المثيل الَّذي قيل: (هذا مثل هذا) أعلَى من مُماثله؛ لأنَّكَ إذا قُلتَ: (هذا مثل هذا)؛ فقد ألحقتَ الأوَّل بالثَّاني. فإذا قيلَ: (لمثل ِهذا)، وصارَ الإنسانُ مطلوبًا منه أن يعملَ لمثلِ هذا الشَّيءِ؛ فطلبُهُ أن يعملَ لهذا الشَّيءِ نفسِهِ من باب أوْلَى؛ فيقولون: إنَّ هذا من باب التَّوكيدِ.

وهذا كقولِهِ تعالَى: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)) [الشورى:11]؛ فإنَّ (مِثْل) ليست بزائدةٍ؛ ولكنَّه جيءَ بها للمُبالغةِ. إذا كان مِثْلُهُ -سبحانه وتعالَى- لو فُرِضَ له مِثْل- لا يماثلُهُ شيءٌ؛ فما بالك به هو نفسُه؟ فيكون هذا من باب التَّوكيدِ.

إذًا: (لمثلِ هذا): نقول: هذا من باب التَّوكيد والمُبالغةِ؛ أي: أنَّ الإنسانَ مطلوبٌ منه أن يعملَ لمثلِ هذا؛ فكيفَ بنفسِ هذا الشَّيءِ؟ فتكون (مثل) -علَى هذا- ليست بزائدةٍ؛ بل هي أصليَّةٌ، وفائدتها: التَّوكيد والمُبالغة.

ولهذا: يُقال للشَّخصِ: (مِثلُكَ لا يبخَلُ)؛ ويريدونَ: هو لا يبخلُ؛ لكن: أتوا بـ (مثل) من باب المُبالَغة؛ يعني: إذا كان المتشبِّه بكَ لا يبخل؛ فأنت من باب أَوْلَى وأحرَى.

فمثلُ هذا التَّركيبِ -في اللُّغة العربيَّةِ- يُقصَدُ به المُبالغةُ، وليس هناك زيادة) انتهى.

ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[18 - 03 - 2009, 03:46 م]ـ

الرأيُ الذي أراه صوابًا أنك إذا قلتَ: (أنت تجود)، و (مثلك يجود)، فإن المثال الأول حكمٌ غير معلَّلٍ. والمثال الثاني حكمٌ معلَّلٌ. وقد قلتُ في أوراق لي: (ومثل هذا قولك للرجلِ يعمل الخطأ: (مثلك لا يفعل هذا) لتبيِّن له وجه المنع؛ وهو أن ذلك إنما هو لصفاته، لا لذاته. ولو قلتَ: (أنت لا تفعل هذا)، لظنَّ أن امتناع ذلك بالنظر إلى ذاته. وليس في هذا كما ترى حجَّة على المخاطب، ولا إقناع له. وربَّما ظنَّه تحيُّزًا، وتحكمًا) ا. هـ. ومثل هذا قول جرير يهجو الفرزدقَ:

نفاك الأغرُّ ابن عبد العزيز ... ومثلك يُنفَى مِن المسجدِ

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015