ملتقي اهل اللغه (صفحة 2939)

وتصريف الآيات يشمل تنويع الحجج والبراهين على قضية واحدة، فيؤتى للقضية الواحدة بأكثر من دليل وبرهان، فتتابع عليهم الحجج وتُصرَّف لهم الأمثال والعبر.

ويشمل تصريف الآيات تنويع الأساليب، فيؤتى بالدليل الواحد بأكثر من أسلوب: فتارة بالخبر، وتارة بالاستفهام، وأخرى بالنفي والإثبات، وأحيانا بضرب الأمثال أو القصص، ونحوها. وكل ذلك وارد في القرآن.

والأمثال القرآنية يُفَصِّل الله بها آياته من الحجج والعبر والمواعظ، ونحوها. بين الله ذلك - سبحانه - بعد أن أورد مثلا لبيان حال الدنيا وما تؤول إليه، حيث قَال تبارك وتعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأنعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (1).

وقد أشاد الله سبحانه بأمثال القرآن مبينا أنه اشتمل على كل مثل من الحق يحتاجه الناس، وأن السبيل قد استبان بتلك الأمثال. وما بقي على الناس إلا أن يتفكروا بها ويتذكروا.

قَال الله تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا القُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً} (2).

وقال: {وَيَضْرِبُ اللهُ الأمْثَالَ لِلنّاسِ لَعَلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ} (3).

والتمثيل القرآني اعتمد التشبيه وتراكب معه فكل تمثيل قرآني الا ويعقبه تشبيه لذا سمي في البلاغة بالتشبيه المركب أو التشبيه التمثيلي

التشبيه القرآني تشبيه شيء بشيء في حكمه وتقريب المعقول من المحسوس أو أحد المحسوسين من الأخر واعتبار أحدهما بالآخر

ومن خصائص التشبيه القرآني ابرازالمعنى في صورة رائعة لها وقعها في النفس فالتمثيل القرآني في غالبه مصرح بلفظ التشبيه سواء الكاف أو مثل وإذا كان التشبيه أنجع وسيلة أسلوبية يتخذها المثل لتحقيق مراميه في الكشف عن المعنى الذي يحيل إليه النص، فالتوظيف المكثف له في المثل القرآني لم يأت إذن إلا لكونه عنصراً ضرورياً لأداء المعنى القرآني متكاملاً من جميع الوجوه".

وقد ذهب الجاحظ الى ان التشبيه القرآني قد عمل على تشبيه ما يتصل بالذات الإلهية وبأحوال الملائكة واليوم الآخر، وبما فيه عن الجنة والنار ومشاهدهما، وهي صور ذهنية، بالاشياء والصور المادية المحسوسة لإبراز المعنى واضحاً وتثبيته في النفوس.

ولما كان التبليغ والتبين الغرض الاول من هدى القرآن الكريم وجدنا التشبيهات فيه بكثرة، وذلك لإعانتها في الابانة والايضاح في عرض الصور المراد عرضها، وكان اكثر الصورة التشبيهية مطبوعة بطابع البيئة العربية وذلك لأن الرسول العربي الكريم (صلى الله عليه وسلم) قد ارسل بلسان قومه قال تعالى: (بلسان عربي مبين) الشعراء / 195

إن تقصي الصورةالتشبيهية في القرآن الكريم، يفضي إلى ارتكاز حشد كبير منها على التشابه المتحقق عبر أدوات التشبيه

والتشبيه القرآني جاء لخدمة التمثيل القرآني بغرض ايضاح المعاني عن طريق تصويرها في صورة حسية

إن آلية اشتغال تقنية (التشبيه) جعلت منها تمد جسوراً تواشج بينها وبين المثل، بوصفه تشكلاً نصياً ذا مهام مضاعفة، من شأنها أن تكشف النقاب عن مساره الدلالي. وهذا كله وسواه أدى إلى تداخل مصطلحي (المثل) و (التشبيه) تداخلاً كبيراً، ولاسيما أن الجذر اللغوي لكلمة (مثل) يحيل في أصل كلام العرب إلى (الشبه) (كما قدظهر مصطلح آخر، يتجاور مفهومياً مع كليهما هو (التمثيل)، إذ "إن التشبيه متى كان وجهه وصفاً غير حقيقي، وكان منتزعاً من عدة أمور، خص باسم التمثيل"، فمتى ما كان التشبيه تمثيلياً أمكن أن يصبح مثلاً، شريطة أن تتوفر فيه خصائص المثل الأخرى,

ونهج اهل العلم في دراسة التمثيل القرآني نهجين

اولهما: طريقة التشبيه المركب وهي أقرب مأخذا، وأسلم من التكلف. وهي تشبيه الجملة برمتها بنور المؤمنين، من غير تعرّض لتفصيل كل جزء من أجزاء المشبه ومقابلته بجزء من المشبه به وعلى هذا عامة أمثال القرآن, وهي: أسهل وأسلم كما وصفها ابن القيم - رحمه الله بقوله:

"وهي أقرب مأخذاً، وأسلم من التكلف". ويناسب خطاب العامة ومن في حكمهم,

وثانيهما: طريقه التشبيه المفصل ويظهر من عنوانها أنها دراسة تفصيلية لكل احتمالات اوجه المثل, تبيّن خاصية الأمثال في دقة التصوير وسرعة التفهيم، وإصابة المعاني، وإزالة الإشكال، وإبراز الفوائد

ـ[مريم الجزائر]ــــــــ[22 - 04 - 2009, 07:49 م]ـ

بحث قيّم فعلا، ويحتاج إلى قراءة وتمعّن

جزاك المولى خيرا كثيرا.

ـ[المدقق اللغوي]ــــــــ[08 - 09 - 2009, 12:42 ص]ـ

إن دراسة التشبيهات القرآنية لها أهميتها البالغة في بيان أثرها في تفسير القرآن، وإظهار إعجاز القرآن البلاغي، وأسلوب التشبيه يزيد من إقناع المستمع أو القارئ؛ بإحضار صورة للمعني كالمشاهدة عيانًا.

شكر الله لكم.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015