ـ[فريد البيدق]ــــــــ[25 - 01 - 2011, 01:03 م]ـ
1 - بغية الايضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة، للشيخ عبد المتعال الصعيدي، الناشر: مكتبة الآداب
وقد اختُلف في وقوع التخلص في القرآن؛ فقيل: لا يقع فيه؛ لأنه يقع في الغالب متكلفا، والقرآن لا تكلف فيه. وقيل: إنه قد وقع فيه؛ كقوله تعالى في أول سورة يوسف: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ}.
فالسورة موضوعة لقصة يوسف، وقد افتتحها بذكر القرآن، ثم تخلص إليها هذا التخلص.
2 - من "الطراز لأسرار البلاغة وحقائق علوم الإعجاز" ليحيى بن حمزة العلوي اليمني
الفصل السادس: فى ذكر التخلص والاقتضاب
وقع الخلاف فى ورود التخلص فى القرآن، وحكي عن أبي العلاء محمد الغانمي أنه أنكر وروده فى التنزيل، وزعم أن كتاب الله تعالى خال عنه. وهذا فاسد؛ فإن كتاب الله تعالى لا واد من أودية البلاغة إلا وهو آخذ منه بنصيب ... ومعناه فى ألسنة علماء البيان أن يسرد الناظم والناثر كلامهما فى مقصد من المقاصد غير قاصد إليه بانفراده ولكنه سبب إليه، ثم يخرج فيه إلى كلام هوالمقصود بينه وبين الأول علقة ومناسبة ...
ـ[فريد البيدق]ــــــــ[25 - 01 - 2011, 01:07 م]ـ
المثال الأول من كتاب الله تعالى
وهو قوله: "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ (69) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ (70) قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ (71) قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قالَ أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) والذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) [الشعراء: 69 - 81] ثم قال: "رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً والحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ" (83) [الشعراء: 83]، ثم أردفه بقوله: "وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ (91) [الشعراء: 90 - 91] ثم قال: "فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ والغاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) [الشعراء: 94 - 95] إلى قوله: "فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (102) [الشعراء: 102] فلينظر إلى هذا الكلام الذى يسكر العقول رحيقه، ويسحر الألباب تحقيقه، وهو غاية منية الراغب، ونهاية مقصد الطالب؛ فإنه متى أنعم النظر فى مبانيه، وتدبر أسراره ومعانيه- علم قطعا أن فيه غنى عن تصفّح الكتب المؤلفة، وكفاية عن الدفاتر المؤتلفة، فيما يقصد من معرفة هذا الأسلوب من علوم البلاغة. وقد اشتمل على تخلّصات عشرة منتظمة نوضحها بمعونة الله تعالى.
التخلص الأول
هو أنه لما أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بتلاوة نبأ إبراهيم صلوات الله عليه، وما كان له مع أبيه وقومه من الخصومة والجدال فى عبادة الأوثان والأصنام- صدر القصة بذلك شرحا لصدره وتسلية له فيما يلاقى من قريش، ثم خرج إلى شرح حال إبراهيم وما جرى له، فانظر إلى حسن ما رتّب إبرهيم كلامه مع أهل الشرك حين سألهم عما يعبدون سؤال مقرر لا سؤال مستفهم، فأجابوه بما هم عليه من ذلك، وبالغوا فى الجهل والإفراط فى الغي، فقالوا: نعبد أصناما.
ولقد كان يكفيهم ذلك فى الإجابة عما سألهم، لكنهم تعمقوا تهالكا فى الإصرار وتماديا فى نفارهم عما دعاهم إليه بقولهم: "فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ" (71).
ـ[فريد البيدق]ــــــــ[25 - 01 - 2011, 01:08 م]ـ
التخلص الثانى
¥