ـ[ابتسام البقمي]ــــــــ[29 - 01 - 2011, 04:22 م]ـ
(بسم الله الرحمن الرحيم)
كتب أستاذي الفاضل البلاغي البارع أ. د / محمد أبو موسى كثيرا عن علم الإمام عبد القاهر الجرجاني، وعن إعماله لذهنه وفكره في المعرفه التي بين يديه، وكيف أنه استخرج علمه من كلام العلماء قبله كسيبويه، كقوله: (أنهم يقدمون الذي بيانه أهم، وهم بشأنه أعنى)، وأقام عليها أبحاثه في التقديم والتأخير وغيرها من كلام سيبويه، كذلك أفاد الشيخ عبد القاهر من كلام البياني الفذ والأديب الرائع الجاحظ كثيرا، وكان لكلامه أصداء عند الشيخ الجرجاني وخصوصا كلامه في جوهر البلاغة، أهو في اللفظ أم في المعنى، واستطاع أن يستل علمه من علم الجاحظ استلالا ويوضح رأي الجاحظ وأهل الشعر والمعرفة بالكلام. ومن ذلك قول الجاحظ (المعاني مطروحة في الطريق، يعرفها العربي والعجمي البدوي والقروي، وإنما الشعر صناعة وضرب من التصوير).
واستطاع بإعمال الفكر وطول التأمل أن يصل إلى جوهر البلاغة في كتابه (دلائل الإعجاز). وهذا الكلام من أصداء كلام أستاذي الفاضل _ حفظه الله _ والكلام في ذلك قد يطول ويطول جدا، وأستاذي أجدر مني بالحديث في هذا الموضوع، ولا استطيع أن أخفي إعجابي الشديد بطريقة الإمام عبد القاهر في الإمساك بخيط المعرفة الدقيق وطول تأمله لكلام العلماء وأهل البيان حتى يستخرج منه ما وراءه من معاني جليلة تحلو لذوي البصيرة.
وما أريده من هذا الكلام ليس إعادة كلام معروف لدى أهل النقد والبلاغة؛ وإنما حكمة مستفادة ونصيحة مهداة إلى نفسي وإلى جميع أحبتي طلاب العلم؛ وهي أن لا يأخذوا كلام العلماء وأهل البيان شعراء وكتابا أخذا ظاهريا سطحيا؛ وإنما يغوصوا في جوف الكلمة ويعيدوا النظر فيها مرة بعد مرة؛ حتى يصلوا إلى العلم النافع الذي يمكن أن ينسب إليهم.
ملاحظة / هذه المقالة من كتابي (حصاد العقل) الصادر عن دار مقناص عام 1427هـ، 2006م، ط1.