يُسمى المذهب الواقعي ايضا باسم المذهب الخارجي لأنه يحلل المعنى من خلال العالم خارج الانسان، بينما يسمى المذهب اللاواقعي ايضا باسم المذهب الداخلي لأنه يحلل المعنى من خلال ما هو داخل الانسان كقدرته على استعمال المفاهيم. لكل مذهب منهما نقاط ضعفه ونجاحه. مثل ذلك ان المذهب الخارجي في المعنى ينجح في التعبير عن امكانية المعرفة ونجاح اللغة في التعبير عن العالم. فيما ان المعنى بالنسبة الى المذهب الخارجي، محلل من قبل ما يحدث في العالم الواقعي خارج الانسان، اذن تعبر المعاني عما يحدث في العالم الواقعي وبذلك يصبح من الممكن الحصول على معرفة العالم. هكذا يكتسب المذهب الخارجي فضيلته. ومن فضائل هذا المذهب ايضا انه ينجح في تفسير التفاهم والتواصل اللغوي بين البشر. فيما ان المعاني بالنسبة الى المذهب الخارجي، محددة من قبل العالم الواقعي، وبما ان العالم الواقعي متاح لكي يدرك من قبل جميع البشر وهو عالم واحد لا يختلف من فرد الى آخر، اذن نتشارك في امتلاك المعاني ذاتها وبذلك نتمكن من التخاطب والتفاهم والتواصل فيما بيننا. هكذا ينجح المذهب الخارجي في التعبير عن امكانية التواصل اللغوي ويفسرها، وبذلك يكتسب فضيلة اخرى (صلى الله عليه وسلمkeel رضي الله عنهilgrami: رضي الله عنهelief& Meaning.1994. رضي الله عنهlackwell).
لكن يفشل المذهب الخارجي في التعبير عن حقيقة ان الفرد لديه قدرة اكبر على فهم معاني الفاظه وعباراته من قدرة الآخرين على ذلك. فبما ان المعاني محددة من خلال العالم الواقعي خارج الانسان وقدراته كما يقول المذهب الخارجي، لا يملك الفرد قدرة خاصة متفوقة على قدرة الآخرين في ادراك ما يقصد من معان. أما المذهب الداخلي في المعنى فينجح بشكل كامل في التعبير عن تلك القدرة الخاصة للفرد على ادراك معانيه بينما يفشل مثلا في التعبير عن نجاح اللغة في التعبير عن عالمنا الواقعي كما يفشل في التعبير عن امكانية التواصل اللغوي. فيما ان المعاني محددة من قبل ما يوجد داخل الانسان بدلا من ان تكون محددة من قبل العالم خارج الانسان كما يؤكد المذهب الداخلي، لا ترتبط معاني اللغة اذن، بالعالم الواقعي بشكل مباشر، وبذلك قد تفشل المعاني كليا في التعبير عما يوجد في العالم فنفقد بذلك معرفة عالمنا ولا ننجح في التواصل فيما بيننا لأن معانينا غير محددة من قبل العالم المشترك بيننا. لكن ينجح المذهب الداخلي في التعبير عن قدرة الفرد المتفوقة على ادراك معانيه، وهذه فضيلة كبرى له، فيما ان المعاني بالنسبة الى المذهب الداخلي محددة من قبل ما هو داخل الانسان بدلا مما هو خارجه، من الطبيعي اذن ان يملك الانسان قدرة متفوقة على ادراك معاني مفاهيمه وعباراته لا يشاركه فيها الآخرون (المرجع السابق).
من الممكن الخروج من المذهبين الواقعي واللاواقعي وقبول السوبر حداثة التي تقول ان اللامحدد يحكم العالم. من هنا تؤكد السوبر حداثة على ان من غير المحدد ما هو المعنى، لذا من الطبيعي ان تملك كل نظرية في المعنى فضائلها ومشاكلها في الوقت ذاته. فيما انه من غير المحدد ما هو المعنى، اذن لا يوجد تحليل صادق ونهائي للمعنى، وبذلك من المتوقع ان تفشل كل نظريات وتحليلات المعنى في مجال او آخر وأن تنجح في امور معينة اخرى كما رأينا سابقاً. هكذا تنجح السوبر حداثة في تفسير تلك الحقيقة وبذلك تكتسب قدرتها التفسيرية فمقبوليتها. لكن اذا كانت المعاني غير محددة كيف من الممكن اذن ان نتخاطب في ما بيننا ونتفاهم؟ رغم ان معاني المفاهيم والعبارات غير محددة من الممكن ان نتفاهم ونتواصل ونتخاطب في ما بيننا لأننا نتكلم من خلال سياق او آخر. على هذا الاساس، تفسر السوبر حداثة لماذا نتحادث ونتخاطب من خلال سياق ثقافي او خطابي او آخر. فيما ان معاني المفاهيم والعبارات غير محددة، اذن لا بد ان نتواصل من خلال سياق خطابي وثقافي كي يساعدنا السياق في ترجمة معاني مفاهيمنا وعباراتنا. هكذا تكتسب السوبر حداثة قدرتها التفسيرية. من جهة اخرى، اذا كانت المعاني غير محددة اصلا، اذن كيف تنجح اللغة في التعبير عن عالمنا الواقعي؟ بما ان المعاني غير محددة، اذن لغتنا تعبر عن اشياء وظواهر غير محددة. وبالفعل عالمنا الواقعي غير محدد كما تقول ميكانيكا الكم التي مثلا بالنسبة اليها من غير المحدد سرعة الجسيم ومكانه في آن. على هذا الأساس، بما ان
¥