ملتقي اهل اللغه (صفحة 2568)

نظريات المعنى وصراعها

ـ[حسن عجمي]ــــــــ[03 - 04 - 2011, 05:50 ص]ـ

الفلاسفة دونالد ديفدسون ومايكل دوميت وسول كربكي:

نظريات المعنى وصراعها

حسن عجمي

تختلف نظريات المعنى وتتصارع. نرصد هنا النظريات الاساسية في المعنى ومعالم نجاحها وفشلها.

تنقسم فلسفة المعنى الى مذهبين أساسيين هما المذهب الواقعي والمذهب اللاواقعي (ليس بالمعنى السلبي)، وتتنوّع النظريات في كل مذهب منهما. فبينما يحلل المذهب الواقعي المعنى من خلال العالم الواقعي خارج الانسان، يحلل المذهب اللاواقعي المعنى من خلال قدرات الانسان وما يمتلك في داخله بدلاً من الاعتماد على الواقع خارج الانسان. من نظريات المذهب الواقعي نظرية الفيلسوف دونالد ديفدسون التي تعرّف المعنى من خلال قيم الصدق. يقول ديفدسون اننا حددنا قيم الصدق لعبارة ما فنحن بذلك نحدد معنى تلك العبارة. وقيم الصدق لعبارة ما هي الظروف التي اذا تحققت تكون العبارة إما صادقة وإما كاذبة. مثل ذلك ان جملة "الثلج أبيض" هي جملة صادقة اذاً وفقط اذا الثلج ابيض، وهي كاذبة إذاً وفقط الثلج ليس ابيض. وقيم الصدق هذه تحدد معنى عبارة "الثلج أبيض". هكذا يكون صدق العبارة أو كذبها يشكلان معناها، وبذلك يتم تحليل المعنى من خلال ما هو صادق وما هو كاذب في عالمنا الواقعي؛ فالجملة لديها معنى فقط إذا كانت صادقة او كاذبة وبذلك يرتبط المعنى بما يوجد في الواقع. ومن خلال تحديد الظروف التي تجعل جملة ما صادقة يتم تحديد معنى تلك الجملة. فمثلاً جملة "الثلج أبيض" تعني الثلج ابيض لأن جملة "الثلج أبيض" صادقة اذاً وفقط اذاً الثلج ابيض. هكذا العالم الواقعي يحدد المعنى (عز وجلonald عز وجلavidson: Inquiries into Truth & Interpretation. 1984. Clarendon Press. Oxford).

أما من نظريات المذهب اللاواقعي فنظرية الفيلسوف مايكل دوميت التي تحلل المعنى من خلال ظروف النطق. وظروف النطق مرتبطة بالانسان لأنه هو الذي ينطق. من هنا يتم تحليل المعنى من خلال القدرات الانسانية وليس من خلال العالم الواقعي القائم خارج الانسان، وبذلك تكون نظرية دوميت نظرية لا واقعية لكن ليس بالمعنى السلبي. بالنسبة الى دوميت، من الخطأ تعريف معنى العبارة من خلال قيم صدقها اي من خلال متى تكون صادقة، بل لا بد من تحليل معنى العبارة من خلال متى يصح النطق بها. يعتبر دوميت ان المعنى غير مستقل عن معارفنا، ولذا يتحدد معنى العبارة بفضل الاساس المقبول الذي يسمح لنا في ان ننطق تلك العبارة او ان نرفضها. بكلام آخر، يتحدد معنى العبارة من خلال الاعتبار او الاعتقاد الذي يبرهن لنا حقيقة النطق بتلك العبارة. فمثلاً، معنى عبارة "كل عدد يملك صفة معينة" يتشكل بفضل امتلاكنا لمنهج عام قادر على اظهار ان كل عدد يملك تلك الصفة (Michael عز وجلummett: Truth and Other enigmas. 1978. Harvard University Press).

الآن، النظريتان السابقتان تواجهان مشكلة أساسية هي التالية: تقول نظرية ديفدسون ان قيم أو ظروف الصدق تحدد المعنى بينما تعتبر نظرية دوميت ان ظروف النطق تحدد المعنى. لكن يبدو ان المعنى هو الذي يحدد ظروف الصدق والنطق بدلاً من ان تكون تلك الظروف هي المحددة للمعنى. فمثلاً، اذا كانت جملة "الثلج ابيض" تعني الثلج اخضر بدلاً من ان تعني الثلج أبيض، حينها تكون الجملة صادقة اذاً وفقط اذا الثلج اخضر بدلاً من ان تكون صادقة متى كان الثلج ابيض. هكذا مع تغير المعنى تتغير ظروف الصدق وبذلك المعنى يحدد ظروف الصدق على نقيض ما قالت نظرية ديفدسون. من المنطلق ذاته، اذا كانت جملة "الثلج أبيض" تعني الثلج اخضر بدلاً من ان تعني الثلج أبيض، فحينها الظرف الذي يسمح لنا في ان ننطق بجملة "الثلج أبيض" هو المنهج الذي يرينا ان الثلج اخضر بدلاً من المنهج الذي يرينا ان الثلج ابيض. بذلك مع اختلاف المعنى تختلف ظروف النطق، وبذلك المعنى يحدد ظروف النطق على نقيض مما قالت نظرية دوميت.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015