ملتقي اهل اللغه (صفحة 2541)

ربط مؤلف الرواية الأستاذ نجيب محفوظ بين منابع النور وهي الرسالات السماوية الثلاث، وبين موضع " صخرة هند "، وهو موضع أول جريمة " زنا " تقع في الوجود حسب " جو " رواية " أولاد حارتنا " الأوسع من الخيال والأوهام؟!

تاسعا: الاختيار والترك:

يقف المؤلف من وقائع التاريخ الديني النبوي وتطوراته موقفا معينا يقوم على سمتين بارزتين: إحداهما: الأخذ، والأخرى: الترك. أي يأخذ بعض وقائع ذلك التاريخ، ويترك بعضا آخر في رسم صور " الأشخاص " الأربعة، الذين تحدث عنهم، وهم: آدم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم.

عاشرا: نباهة عرفة وصاحبيه:

إن عرفة وحنش وعواطف – الذين يرمزون للعلم الحديث - هم " الوحيدون " في الرواية الذين رفعهم المؤلف " مكانا عليا "، وصانهم من كل ألوان النقص والهمز واللمز أو التجريح، وهذا يلائم الجو العام لـ ... وجدانيات المؤلف، و" جوانياته "؟!

أما القسم الثاني، فهو يتكلم فيه عن عرفة أو العلم الحديث. وهذا القسم معقود أساسا لعمليتي هدم وبناء، أو إعدام وإحياء. وكانت نية " أولاد حارتنا " مُبيّتة على هذا من قبل أن " يُخطّ " حرف واحد فيها، فالنية – عادة وواقعا – تسبق العمل دائما، وتكون " هي " الباعث على العمل، والداعية إليه: الهدم أو الإعدام لـ " الدين " الذي جاء به الرسل وحيا يوحى من عند ربهم؟! والإحياء لـ " العلم الحديث " ممثلا فيما يدرك بالحواس الخمس، وتُجرى عليه التجارب والملاحظات والمشاهدات، ثم تستخرج قوانينه الكلية، وقواعده الجزئية المستوحاة من المادة المدروسة، وكان كل شيء في الرواية يخدم هذا الاتجاه، ويمهد له من وراء ستار.

ولكن هناك تساؤل هام في هذا السياق، ونحن نذكر العداء المحتدم الذي تصوره المؤلف بين الدين والعلم – هل يوجد مثل هذا العداء حقا؟! إن الذين يتصورون عداء ما بين الدين والعلم جد واهمون، وتصور هذا العداء ناشئ عن جهل لحقيقة العلم ووظيفته، أو ناشئ عن الجهل بالدين وحكمته، أو الأمرين معا.

والخلاصة:

إن هذه الرواية تترجم في وضوح: أن كاتبها ساعة كتبها كان زاهدا في " الدين " كل الزهد، معرضا عنه كل الإعراض، ضائقا به صدره، أعجميا به لسانه، فراح يشفي نفسه الثائرة، ويعبر عن آرائه في وحي الله الأمين، بهذه الأساليب الرمزية الماكرة، والحيل التعبيرية الغادرة، رافعا من شأن العلم الحديث إلى مكان الثريا، واثقا فيه كل الثقة، حتى أجلسه على " عرش الديان " مناصرا للعلمانية الجاهلة، على دين الله القيم، ورسالاته السامية.

فالرواية – وهذا واقعها – رواية آثمة " مُجَرّمَة " بكل المقاييس وطنيا وقوميا ودينيا.

والتماس البراءة لها: مستحيل، مستحيل، مستحيل.

اللهم إلا إذا طمسنا قلوبنا، وأعمينا أبصارنا، وسددنا سمعنا، ثم هتفنا مع أولاد حارة الأستاذ نجيب محفوظ، وقلنا كما قالوا: " لا شأن لنا بالماضي، ولا أمل لنا إلا في سحر عرفة، ولو خُيّرنا بين " الجبلاوي " (الله) والسحر، لاخترنا السحر "؟! [أولاد حارتنا، ص: 551].

وهيهات هيهات لما يتصورون؟

وقبل أن يختتم الدكتور المطعني كتابه، توجه باقتراح مرفوع إلى المؤلف، يطلب منه أن يعلن للعالم كله " تبرؤه " من هذه الرواية الآثمة المُجَرّمة بكل المقاييس، لأن في بقائها منسوبة إليه تبعة تنوء بحملها الجبال؟! ونحن نتمنى أن يكون المؤلف قد فعل ذلك، ولو بينه وبين ربه.

إننا لا نقف هذا الموقف من الرواية أو من الأستاذ نجيب محفوظ إلا لأنه تطاول على الخالق سبحانه، وعلى الدين الذي أرسله الله لهداية البشر، وعلى رسله الكرام. ولو لم يفعل الأستاذ محفوظ هذا، لكنا أول من يهنئه بفنه ويشكره على ما كتبت يداه. ولكن – وكما يقول الدكتور المطعني – لم يكن " الفن " يوما، ولن يكون أبدا مبيحا لانتهاك الحرمات وإهانة المقدسات، والتطاول على القيم العليا، وإن ادعى ذلك الجاهلون الحمقى من دعاة الحداثة، وأعلاج الشيوعية، وببغاوات العلمانية في مصر والعالم العربي.

9 من شعبان عام 1427 (الموافق في تقويم النصارى 2 من سبتمبر عام 2006).

ـ[أبو عثمان أحمد]ــــــــ[11 - 09 - 2011, 08:57 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله

الأستاذة الفاضلة حنان، جزاك الله خيرا، أما بعد ..

فلاريب أن العامية نمط فرضته طبيعة اللغة في ذاتها، وتجنح الآراء اللغوية المعاصرة للقول بعدم خطورة العامية على الفصحى؛ لأنها نمط طبيعي ينتجه الاستعمال.

ولكن متى تكون الخطورة؟، ذلك عندما تتأثر الهوية العربية - على وجه الخصوص - بشيوع هذه العامية وطغيانها على الفصحى، بل والبحث عن عامية تكون اللغة الرسمية لإقليم من أقاليم الوطن العربي.

ومن ثم فمن الممكن أن نجد الأدب - مثلا - باللغة العامية، لكنها عامية تقف على قدم وساق مع الفصحى لا ترجو ان تجور عليها أو تقلل من قيمتها في تشكيل الهوية.

ـ[أبو عثمان أحمد]ــــــــ[11 - 09 - 2011, 09:09 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البدء استغفر الله رب العرش العظيم، وأحمد الله على نعمة الإسلام، والصلاة والسلام على خير الأنام أجمعين، أما بعد ...

فإن لم يكن لهذا الموضوع سوى ما تفضلتم به - أهل الملتقى - فإنه لفوز عظيم، وليعلم أهل الملتقى الكرام أنني أملك ناصية الرد على كل صغيرة وكبيرة وردت في قولهم الكريم، وسيكون اعتمادي بشكل كبير على نظريات التلقي والتأويل، ولكنني لن أفعل هذا مكتفيا برؤيتي جنبا إلى جنب لمقولاتكم الكريمة، وقد وهبنا المولى - سبحانه وتعالى - نعمة العقل وأنعم علينا بنعة الإسلام، وبها نبغي رضاه والجنة، وبها نميز الغث من السمين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015