ملتقي اهل اللغه (صفحة 2535)

تقييم الواقع في ضوء المستقبل سياحة وصفية في فنيات رواية عندما يطغى النساء

ـ[فريد البيدق]ــــــــ[10 - 09 - 2011, 06:58 م]ـ

تقييم الواقع في ضوء المستقبل .. سياحة وصفية في فنيات رواية "عندما يطغى النساء" للأديب عبد الحميد ضحا

(1) الموضوع

المرأة موضوع فني ثر تناولته الفنون كافة من مختلف الزوايا، ولم يقتصر الأمر على الفنون بل امتد الأمر إلى السياسة التي صارت توظف المرأة توظيفا سياسيا يخدم مصالح الدول القوية في الدول الضعيفة المستهدفة فأنشئت الاتحادات النسائية المحلية التي تتبع الاتحادات العالمية وتخضع لها والجمعيات العالمية ذات الفروع في الدول المستهدفة.

و"عصمت" الشخصية الأساسية في هذا العمل الأدبي واحدة من هؤلاء النسوة المشتغلات بالمرأة وفق المنظور الغربي، وأمها "ليلى" مرضعتها وملهمتها ورائدتها في هذا الدرب هي الراعية وضيف مؤتمرات المرأة الغربية العالمية الدائم.

و"عماد" زوجها هو الممكّن لها محليا المطلق يدها المعطيها إمكانيات نشر سمات النموذج الغربي الذي يصادم النموذج الإسلامي.

ويكمل الموضوع الكاتب الذي يمثل وجهة النظر الإسلامية في المرأة وتوليها توجيه الدول رسميا أو واقعيا التي تنطلق من الحديث الذي رواه البخاري "حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ أَيَّامَ الْجَمَلِ، لَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ فَارِسًا مَلَّكُوا ابْنَةَ كِسْرَى قَالَ: لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً"، ووجهة النظر الإسلامية في تولي الفجار أمر الدول في قوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22] في أحد توجيهات "تَوَلَّيْتُمْ" التي هي من الولاية لا التولي كما قال بعض أئمة التفسير.

هذان الخطان اجتمعا في شخص "عصمت" التي تولت وكانت على أفجر قلب حاقد على الإسلام، وانطلق بها الكاتب من آخر تطور موجود في الواقع وبلغ بالخيال المنتهى الذي امتد إلى تنفيذ ما لم ينفذ؛ مما يجعل القارئ يقيّم الواقع الذي لم تتم التجربة فيه من خلال المستقبل الذي شهد التجربة كاملة تامة.

(2) البناء الفني

رسم الكاتب أحداث هذا الموضوع في لقطات تعتمد تقنيات مخطط العرض "السيناريو"؛ مما يجعل القارئ يستحضر حقيقة امتلاء خيال الكاتب بالأفلام وأنماطها، ويتمثل نفسه وهو يقرأ الرواية في قاعة عرض أفلام.

كيف؟

أ- قطع الكاتب عمله قطعا غير مفصولة بشيء أرقاما أو فصولا أو علامات مما يجعل القارئ يفاجأ بانتقال المشهد من حدث إلى آخر، ويبدأ المشهد المرتبط بآخرَ سبقَ منذ حدث أو أكثر بنتيجته مما يتيح لذهن القارئ تخيل الأحداث المكملة المالئة الفراغات البينية بين الأحداث، لكن ذلك مرهق لكثير من القراء وإن كان مثيرا لبعض آخر.

ب- ابتعد الكاتب عن وجهة نظر المتكلم التي لا تملك إلا مشاعرها وفِكَرها، أو الغائب القاص. واختار وجهة النظر الحاكمة التي تمثل الكاتب، وهذه أخطر وجهات النظر.

لماذا؟

لأنها الوجهة التي إذا لم توظف توظيفا فنيا جيدا فإنها تصبح ترديدا لمعتقدات الكاتب لا ترديدا لمعتقدات الشخصيات؛ مما يحول العمل الأدبي إلى محاضرات أو أي شكل من أشكال التعبير ليس من بينها سمات الرواية الأدبية ويجعل الشخصيات أبواقا لآراء المؤلف لا معبرة عن ذواتها.

ج- اختار الكاتب الحوار واعتمده وترك السرد والوصف سواء كان وصف الشخصيات أو الأماكن أو غير ذلك من أشياء كان يجب أن توصف توطئة أو توضيحا أو بيانا- على لسانه كصاحب وجهة نظر في القص، وعلى لسان الشخصيات حيال فكرها وحيال الشخصيات الأخرى؛ مما جعل الشخصيات في معظمها سطحية.

د- آثر الكاتب اللغة التي تمثل الأسلوب العلمي الذي يخلو من السمات الأدبية من صور وأخيلة واستطراد وصفي تكثر فيه المترادفات وغيرها من وسائل لا تحكي حدثا لكنها تشبع مساحات في النفس لا يملأها غيرها، ويمتلئ بالاستشهادات المنقولة من الكتب أو المعاهدات أو غير ذلك من وسائل نقل الفكر.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015