ملتقي اهل اللغه (صفحة 2518)

سؤال في قوله تعالى: (واجتنبوا الطاغوت)

ـ[ابو همام]ــــــــ[04 - 11 - 2011, 06:23 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

أرجوا المساعدة في فهم نص الآية التالية من ناحية بيانية للضرورة. ويا حبذا ان يكون المجيب متخصصاً في علم البيان والبلاغة.

قال تعالى {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36)} [النحل: 36]

إني نظرت أقوال المفسرين فوجدتهم يقدرون للفعل إجتنبوا متعلَّقاً وهو [عبادةَ] أي [اعبدوا الله واجتنبوا عبادةَ الطاغوت] فسؤالي هو:

1ــ من أين جاء هذا التقدير وما هي قرائنه اللفظية والدلالية والبيانية في نص الاية ذاتها.

2ـــ هل هذا المعنى المقدر مقدر وجوباً ولا يحتمل معنى اخر كأن يقال إجتنبوا الطاغوت إجتناباً مطلقاً: إجتناب بدنه وعينه وكل تعامل معه بكل حال. وإن قيل بأن المعنى الثاني غير مراد فما وجه بطلانه من ناحية البيان اللغوي والدلالي للنص ذاته لا بالنظر الى نصوص قرانية اخرى.

3ـــ هل هناك فرق في المعنى البياني والدلالي لجملة [اجتبنوا الطاغوت] فيما لو جاءت مجردة عن واو العطف والمعطوف عليه الذي سبقها؟؟.

ولكي أقرب لكم ما اريده هنا: أضع بين ايديكم جملتين عربيتين:

إشرب الماء الباردَ وأجتنب الساخنَ.

إجتنب الماء الساخن.

فهل متعلق الإجتناب في الجملتين واحدٌ. أمْ أنه في الجملة الأولى يتعلق باجتناب شربه فقط بينما في الجملة الثانية ينطلق المعنى إلى إجتنابٍ مطلق للماء الساخن فيدخل فيه مثلا إجتناب الإستحمام به والإنتفاع به من كل وجه.

أرجوا من اهل البيان واللسان إجابتي أجابات علمية موثقة للضرورة وجزاكم الله خيرا.

ـ[منصور مهران]ــــــــ[04 - 11 - 2011, 09:04 م]ـ

الذي حمل المفسرين على تقدير المضاف وهو [عِبادةَ] أنهم نظروا في نظائر النهي عن الطاغوت فوجدوا مواضع اتجه النهيُ فيها عن عبادة الطاغوت، كقوله تعالى:

1 - [وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ]

الزمر / 17

2 - [قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ]

المائدة / 60

ولكن المتأمل في آيات أخَرَ مثل قوله تعالى:

1 - [اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ]

البقرة / 257

2 - [أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا]

النساء / 60

3 - [الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا]

النساء / 76

والآية الواردة في سؤال الأديب الأستاذ أبي همام، من سورة النحل

لا يلحظ ضرورة التقدير الذي ذكره المفسرين، لأن الاجتناب يتضمن بالضرورة كلَّ دواعي التقديس، والألف اللام في (الطاغوت) من قوله تعالى: [وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ]: للاستغراق، أي: اجتنبوا كلَّ الطواغيت: عبادتها وأفكارها ووساوسها وإغراءاتها ..... إذ ليست العبادة المقدرة على حقيقتها بل من عبادتها اتباعُ غَيِّهَا ومفاسدِها فـ (الـ) أغنت عن ذِكر كل هذه التداعيات فكذلك عن تقديرها في الإعراب وفي المعنى.

والله أعلم

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015