وكان من نتيجة ذلك أن بات راسخا في الضمير الأدبي للأدباء أن كلا من حقه أن يتكلم في الأدب تنظيرا ونقدا إلا الله تعالى ورسوله ودينه؛ مما يجعل الاستنكار والاستغراب والدهشة العلامة البارزة على مجابهة موقفهم هذا، هذا إن لم يفتحوا أدراجهم ويخرجوا تهم الرجعية والتخلف وغي ذلك من تهم الإفلاس والعجز.
ج- وساد وصف الشخصية الرئيسة في العمل الأدبي بالبطل والبطلة بغض النظر عن طبيعتها الفنية؛ فقد تكون زانية أو راقصة وقد يكون قوادا وعربيدا أو فاسدا.
يحدث هذا مراغمة لما رسخ في حس الناس وفي اللغة العربية التي تبين نصوصها أن البطولة تعني الشجاعة لا ما يشاع مسخا لها.
قال الأزهري "تهذيب اللغة": وقال أبو خَيْرَة: إنّما سُمّيَ البَطَلُ بطلاً؛ لأنه يُبْطل العظائمَ بسيْفه فيُبَهْرِجها. وقال غيره: سُمِّيَ بطلاً؛ لأن الأشداء يَبْطلون عنده. ويقال: الدِّماءُ تَبْطُل عنده فلا يُدرك عنده ثأر. وقال الرازي في "مختار الصحاح": والبَطَلُ الشجاع والمرأة بطلة وقد بَطُل الرجل من باب سهل وظرف أي صار شجاعا.
وهذا هو الراسخ في حس الناس قبل أن يشيع هذا المعنى الفاسد.
د- وساد أن الأديب هو ضمير الأمة، وأن رقي الأمة يقاس باهتمام الناس بأدبها- على الرغم من أن الأدب السائد ليس أدب الأمة إنما هو أدب الغرب يكتبه أناس يعيشون في الأمة الإسلامية.
هـ - ...
وغير ذلك مما هو سائد معروف يغني عنه ما ذُكر سابقا.
(5)
وماذا كانت النتيجة؟
كانت ما قاله رسولنا الكريم في سنن أبي داود وصححه الألباني (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ. فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ).