ملتقي اهل اللغه (صفحة 2475)

إذا كانت مع شخصيات وهمية ينشئها المؤلف تكون الصعوبة في رسم الشخصية وتحديد سلوكها ولغتها بما يلائم ثقافتها، فإذا كانت تاريخية أضيفت صعوبة تمثل الشخصية الحقيقية، فإذا كانت شخصية مقدسة صار الأمر يتطلب الالتزام بالروايات الصحيحة.

فهل التزم الأستاذ أحمد محمد صقر بذلك؟

والجواب الذي يظهر من كلماته وسطوره هو: لا.

كيف؟

في المساحة التي يقولها المؤلف نيابة عن الشخصية وصفا نجده خرج عما ينبغي وسأضرب مثالين:

ورد أولهما ص15 عند حديثه عن زواج السيدة خديجة الأول فنجده يخبرنا عنها قائلا: "ودخلت السيدة خديجة أبواب الحياة الجديدة كبيرة الأمل شديدة الطموح، لكنها مع ثقتها الشديدة بنفسها وحب زوجها لها وحديث الناس عن مستقبلها الباهر- كانت تحس بخوف شديد من الأيام، يحدثها قلبها بأنها تخفي بداخلها شيئا لا يعلمه غير علام الغيوب".

انظر كيف سرد الرجل أنها كانت تحس بخوف ويحدثها قلبها أن الأيام تخفي شيئا غير جيد، من أين علم الرجل ذلك؟ وما قيمة هذا الحدث المخترع؟ ألصنع عنصر تشويق يكون الأمر كذلك؟

وأما ثانيهما فقد ورد ص39 بعد أن حدثها خادمها ميسرة عما شهده في الرحلة من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "استقر كلام ميسرة في قلب السيدة خديجة، ولم تستطع أن تطرد صورته من عقلها".

انظر الطريقة الفيملية التي تظهر فيها الممثلة وهي مشغولة ويطاردها شبح من تحب!

(8)

هذان مثالان عن المساحة التي يصف فيهما القاص شخصيات عمله، فإذا ذهبنا إلى الحوار الذي ينطق فيه رسول الله والسيدة خديجة وجدناه غير لائق لا سيما قبل بعث النبي صلى الله عليه وسلم، وتجعلك كلماته تستشعر أنك تستمع إلى شاب ممن تعرف، ولا يجعلك الأسلوب تستشعر أنك تسمع لأفصح العرب.

وسأورد مثالا واحدا ورد ص40 عندما ذهبت نفيسة تحدثه بأمر السيدة خديجة:

- وكيف أدفع هذه الوحشة يا نفيسة؟ إنني فقير لا أستطيع أن أحقق ما ترمين إليه من الزواج، وليست كل امرأة تصلح زوجا، وليس الزواج لعبة يا نفيسة كما يتخذه بعض الناس بل هو مهمة صعبة".

انظر كيف يقول النبي: وليس الزواج لعبة!

ومن أراد المزيد فليقرأ حوارات النبي مع السيدة خديجة ص 50 وص51، وغير ذلك من الحوارات.

(9)

فإذا تركنا الحوار ولغته ويممنا صوب الشخصيات وأهميتها وجدنا السيدة خديجة هي الشخصية الرئيسة في القصة سواء ظهرت في الأحداث أم لم تظهر، ووجدنا الرسول صلى الله عليه وسلم ليس كذلك.

(10)

فإذا تركنا هذا وصوبنا شطر الأحداث وجدنا أحداثا سأتوقف بشأنها إلى حين مزيد بحث، فإن البحث الذي قمت به لم أصادفها فيه، لكنني سأذكر بعضها لعل أحدا يفيدني بشأنها شيئا.

1 - ص71: ودعت السيدة خديجة رضي الله عنها صاحباتها وجاراتها ... ثم كادت صدور بعضهن تنشق وخديجة تخبرهن برسالة زوجها".

فلم أعثر على ما يؤيد ذلك خلال زمن الدعوة السرية.

2 - ص 82 عند حديثه عما بعد مجيء الوحي بعد انقطاعه زمنا: "وخرجت معه إلى الكعبة تصلي خلفه أمام الناس غير عابئة بالسخرية اللاذعة التي تنبعث من حولهما من كل مكان".

3 - ص89 - ص90 بخصوص الوليمة التي أعدها الرسول صلى الله عليه وسلم لوجهاء مكة عندما أمر بالجهر والإنذار العام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015