ملتقي اهل اللغه (صفحة 2443)

عن القصة في القرآن الكريم

ـ[فريد البيدق]ــــــــ[18 - 04 - 2012, 08:55 م]ـ

1 - "فلسفة المكان في الشعر العربي .. قراءة موضوعاتية جمالية" للدكتور حبيب مونسي

وليس القرآن كتاب قصص حتى يفيض في وصف المكان، كما هو الشأن مع أمكنة القص المعهودة. بل إن شكل القصة في القرآن الكريم يختلف عما هو جار في أعراف الأدب، مادامت القصة عنده حاملا تربويا تسعى إلى تثبيت الإيمان، وإيراد العبرة، والإخبار بقضاء الله عز وجل. فهي "حامل" " support" لا يتوقف اهتمام القارئ عنده، بل يتجاوزه إلى المحمول فيه، حتى يكتمل هدف القص.

ولا يحمل المكان القرآني سمات المكان الفني والأدبي، بل يمتاز بالاقتصاد الشديد، ولا يكون إلاّ بالقدر الذي يتطلبه الحدث ويقتضيه الهدف التربوي.

2 - "سياحة الوجدان فى رحاب القرآن" السيد إبراهيم أحمد

"القصة فى القرآن ليست عملا فنياً مستقلاً فى موضوعه وطريقة عرضه وإدارة حوادثه بل هى وسيلة من وسائل القرآن الكريم الكثيرة إلى تحقيق هدفه الأصيل, والقرآن كتاب دعوة دينية قبل كل شئ, والقصة إحدى وسائله لإبلاغ هذه الدعوة وتثبيتها. وقد خضعت القصة القرآنية فى موضوعها لمقتضى الأغراض الدينية, ومع هذا الخضوع الكامل للغرض الدينى لم يمنع بروز الخصائص الفنية فى عرضها ولا سيما خصيصة القرآن الكبرى فى التعبير وهى: التصوير, والتعبير الفنى يؤلف بين الغرض الدينى والغرض الفنى فيما يعرضه من الصور والمشاهد, ويجعل الجمال الفنى أداة مقصورة للتأثير الوجدانى فيخاطب حاسة الوجدان الدينية بلغة الجمال الفنية, وإدراك الجمال الفنى الرفيع بشئ يحسن الاستعداد لتلقى التأثير الدينى حين يرتفع الفن إلى هذا المستوى الرفيع مستوى التعبير عن العقيدة وحين تصفو النفس لتلقى رسالة الجمال التى تبلغ فيه العقيدة حد الكمال.

ومن أغراض القصة القرآنية إثبات الوحى والرسالة فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن قارئا ًولا كاتباً ولا عُرِفَ عنه إنه جلس الى أحبار اليهود والنصارى, ثم جاءت هذه القصص فى القرآن وبعضها جاء فى تطويل ودقة كقصص إبراهيم ويوسف وموسى وعيسى. ومن أغراضها أيضا بيان أن الدين كله من عند الله من عهد نوح الى عهد محمد, وأن المؤمنين كلهم أمه واحدة, والله الواحد رب الجميع, وكثيراً ما وردت قصص عدد من الأنبياء مجتمعة فى سورة واحدة, معروضة بطريقة خاصة, لتؤيد هذه الحقيقة, ولما كان هذا غرضا أساسيا ًفى الدعوة, وفى بناء التصوير الإسلامى فقد تكررت مجئ هذه القصة, على هذا النحو مع إختلاف فى التعبير لتثبت هذه الحقيقة وتؤكدها فى النفوس.

ومن أغراضها أيضا تبيين أن الدين كله موحد الأساس فكانت ترد قصص الأنبياء مجتمعة كذلك مكررة فيها العقيدة الأساسية, وهى الإيمان بالله الواحد, ومن أغراضها بيان الأصل المشترك بين دين محمد ودين إبراهيم بصفة خاصة, ثم أديان بنى إسرائيل بصفة عامة وإبراز ان هذا الإتصال أشد من الاتصال العام بين جميع الأديان, ومن أغراضها أيضا بيان أن الله ينصر أنبياءه فى النهاية ويهلك المكذبين وذلك تثبيتا ًلمحمد صلى الله عليه وسلم وتأثير فى نفوس من يدعوهم للإيمان وتصديق التبشير والتحذير وعرض نموذج واقعى من هذا التصديق, وكذلك بيان نعمة الله على أنبيائه وأصفيائه, وتنبيه بنى آدم الى غواية الشيطان, وبيان قدرة الله على الخوارق وبيان عاقبة الطيبة والصلاح, وعاقبة الشر والإفساد. والذى يتتبع قصص القرآن يجد عقب كل قصة تعقيباً دينياً يناسب العبرة فيها أو يجد التوجيهات منثورة فى ثناياها بكثرة ووفرة تدل على الغرض الأساسي من سياق القصة وهو الغرض الدينى.

3 - القصص في القرآن الكريم

القصة في القرآن حقيقة لا خيال

قدم أحد الطلاب الجامعيين في مصر رسالة لنيل درجة الدكتوراه (هو الدكتور محمد أحمد خلف الله كان موضوعها (الفن القصصي في القرآن) أثارت جدلاً طويلاً سنة 1367 هجرية، وكتب عنها أحد أعضاء اللجنة الذين اشتركوا في مناقشة الرسالة وهو الأستاذ أحمد أمين تقريرًا بعث به إلى عميد كلية الآداب، ونشر في مجلة (الرسالة) وقد تضمن التقرير نقدًا لاذعًا لما كتبه الطالب الجامعي، وإن كان أستاذه المشرف قد دافع عنه. وصدر الأستاذ (أحمد أمين) بالعبارة الآتية: (وقد وجدتها رسالة ليست عادية، بل هي رسالة خطيرة، أساسها أن القصص في القرآن عمل فني خاضع لما

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015