ملتقي اهل اللغه (صفحة 2428)

ـ[خالد العاشري]ــــــــ[28 - 02 - 2014, 08:37 م]ـ

أظن أن عمل التحقيق الجنائي يقتضي الاستفصال وعدم التعميم، لما يترتب عليه من تنزيل أحكام على مستحقيها، أو إقامة حدود على من ثبتت في حقهم، وليتجافى عن الخطأ والظلم الذي قد يلحق المحكوم عليهم لو فرط القاضي في الاستفصال والتثبت، ولهذا أرشد نبينا صلى الله عليه وسلم إلى درء الحدود بالشبهات، وندب إلى الستر والتوبة والاستغفار، فرد ماعزا في أول الأمر ملقنا إياه شيئا مما يدرأ عنه حكم الرجم، ثم لما ألح ماعز عليه، ورأى الرسول صلى الله عليه وسلم منه ذلك الإصرار المتناهي، وتلك العزيمة المضّاء، زاد في طلب التفصيل ليقطع به كل شك، فشبه ما يوجب الحد بالمرود في المكحلة، فلهذا أظن-والله أعلم- أن حديث ابن عباس في قصة ماعز غير ملائم للتمثيل به لهذه القضية، لوجوب الاستفصال في الحدود والشهادات.

ومن جهة أخرى أرى حديث الثلاثة الذين آواههم المبيت إلى غار، فانسد عليهم، فعلموا أنه لا يفرج عنهم ما نزل بهم إلا أن يتوسلوا إلى ربهم بخالص أعمالهم وأرجاها عند مليكهم، أراه خيرا من حديث ابن عباس وأقرب وأمس بالمسألة.

قال النبي صلى الله عليه وسلم يقص أمر أحد هؤلاء الثلاثة مع ابنة عمه: حتى إذا جلس بين شعبها الأربع، فأضرب عن حكاية أفعال كثيرة سبقت هذا الوضع، ولو جاء كاتب من أولئك النفر أصحاب الأدب المكشوف، ليحكي لنا ما كان بين هذا العبد وبين ابنة عمه، لوصف كيفية اقتراب أحدهما من الآخر وكيفية حل الأزرار و ... مسودا في وصفه الشنظير الفاحش أسطرا، بل صفحات.

جعلنا الله من أتباع هدي خير خلقه ومن علينا بالتأدب برفيع أدبه، صلى الله عليه وسلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015