ـ[د: إبراهيم المحمدى الشناوى]ــــــــ[19 - 10 - 2012, 02:23 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد
فمن أفضل من تناول هذه المسألة ابنُ الأثير فى كتابه (الجامع الكبير فى صناعة المنظوم من الكلام والمنثور) ص102 من مطبوعات المجمع العلمى العراقى، قال: (اعلم أن الفعل المضارع إذا أتى به في حال الإخبار عن وجود الفعل كان ذلك أبلغ من الإخبار بالفعل الماضي، وذلك لأن الفعل المضارع يوضح الحال التي يقع فيها، ويستحضر تلك الصورة حتى كأن السامع يشاهدها، وليس كذلك الفعل الماضي، فمما جاء:
1 - قوله تعالى: {وَاللهُ الَّذِى أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ} فإنه إنما قيل {فَتُثِيرُ سَحَابًا} مضارعاً، وما قبله وبعده ماض، لذلك المعنى الذي أشرنا إليه، وهو حكاية الحال التي يقع فيها إثارة الريح السحاب، واستحضار تلك الصورة البديعة، الدالة على القدرة الباهرة، وهكذا يفعلون بكل فعل فيه نوع تمييز وخصوصية، بحال تستغرب أو تهم المخاطب أو غير ذلك.
2 - كما قال تأبط شراً: -.
فإني قد لقيت الغُوْلَ تهوي ... بسهب كالصِّحيفة صحصحان
فأضرُ بها بلا دَهَش فخرّت ... صريعاً لليدين وللجران
[السهب: بالسين المهملة الأرض المستوية والجمع سهوب، الصحصحان: الأرض الواسعة المستوية]
لأنه قصد أن يصور لقومه، الحال التي تشجع فيها على ضرب الغول، كأنه يبصرهم إياها، ويطلعهم على كنهها مشاهدة، للتعجب من جرأنه على ذلك الهول، وثباته عند تلك الشدة. ولو قال فضربتها لزالت هذه الفائدة التي ذكرناها ونبهنا عليها.
3 - ومن هذا الباب قوله تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءًا فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} ألا ترى كيف عدل عن لفظ الماضي هاهنا إلى المضارع فقال {فَتُصِبحُ} وذلك لإفادة بقاء المطر زماناً بعد زمان كما يقال (أنعم علي فلان عام كذا فأَرُوحُ وأغدو شاكراً له) ولو قال (فَرُحْتُ وغَدَوْتُ شاكراً له) لم يقع ذلك الموقع فافهم ما أشرنا إليه وتدبر دقائقه.) ا. هـ
والله أعلم
ـ[ابن تاشفين]ــــــــ[19 - 10 - 2012, 03:57 م]ـ
لعل مما يفيد هنا معرفة استخدام الفعل الناسخ (كان) في احواله المعروفه ومنها الماضي بأمثلته المتبادرة إلى الذهن ومنها الحاضر أو الدوام والاستمرارية كقوله تعالى " وكان الله عزيزا حكيما " وكذا التعبير عن المستقبل كقوله تعالى "ويخافون يوما كان شره مستطيرا "والله أعلم وأحكم
ـ[نور الدين عماد]ــــــــ[19 - 10 - 2012, 05:59 م]ـ
شكراً للدكتور ابراهيم المحمدي الشناوي وللاخ ابن تاشفين على مانوه اليه من امر مهم. مع اني طالما نوهت الى سرد ماجاء في اشعار واقوال العرب بامثلة كثيرة لأن مكتبتي فيها قصور من ناحية الشعر ومانثر.
وقد يخلص من هذا ان استخدام الفعل الماضي في سياق المستقبل او المضارع يأتي في ثلاث حالات
الاولى التصوير. كما في تصوير حال المؤمنين وحال المنافقين والكفار في الاخرة. وايضا تصوير كيفية انزال المطر. هذا في القرآن الكريم وقد يكون مثله في السنة. وايضا حالات التصوير في الكلام بشكل عام ومن ذلك الشعر وربما ليس هذا ما كنت اعنيه بالدرجة الاولى في سؤالي في هذا الموضوع واحببت ان افرز بينه وبين الحالات الاخرى.
الحالة الثانية: في النصوص التشريعية في القرآن والسنة يعبر عنها احيانا بافعال الماضي لكن يراد بها حكم شرعي الى قيام الساعة وذكرت بعض الامثلة في مشاركتي السابقة.
الحالة الثالثة: في الاخبار عما سيحصل خاصة في الدنيا بدون حالة التصوير الاشبه بالتصوير المسرحي بل سرد مجرد من ذلك مثل قول النبي عليه الصلاة والسلام عن علامات القيامة وذكر منها اذا ظهرت المعازف اي شاعت بقوة كما في مصنف ابن ابي شيبة والترمذي وغيره ورواياتهم قد يشهد بعضها لبعض. وفي رواية اخرى اذا ظهر الخبث كما في مسند ابي يعلى الموصلي والترمذي وغيره. ولعل المقصود بهما اذا شاعا واختلطا وهما المعازف مع الخبث. ومثل قوله تعالى "اذا جاء نصر الله والفتح " وهذا يتكرر في كل عصر , وذكرت امثلة اخرى في مشاركتي السابقة لعلها الاخيرة منها.
ـ[نور الدين عماد]ــــــــ[19 - 10 - 2012, 06:33 م]ـ
قد يلحق الحالة التي اسميتها الثالثة ربما ايضا ما قد كنت طلبته وهي نصوص نثرية وشعرية ينطبق عليها المثال الأول الذي مثلَت به في اول كلامي.
ـ[نور الدين عماد]ــــــــ[20 - 10 - 2012, 08:22 ص]ـ
تصحيح عبارة فيما نوهت اليه في الحالتين الاولى والثالثة
قلت الاولى التصوير. والصواب التصوير القصصي فهو اوضح كمدلول.
قلت الحالة الثالثة: في الاخبار عما سيحصل خاصة في الدنيا بدون حالة التصوير الاشبه بالتصوير المسرحي (والصواب القصصي) بل سرد مجرد من ذلك مثل قول النبي عليه الصلاة والسلام عن علامات القيامة وذكر منها اذا ظهرت المعازف اي شاعت بقوة كما في مصنف ابن ابي شيبة والترمذي وغيره ورواياتهم قد يشهد بعضها لبعض. وفي رواية اخرى اذا ظهر الخبث كما في مسند ابي يعلى الموصلي والترمذي وغيره. ولعل المقصود بهما اذا شاعا واختلطا وهما المعازف مع الخبث. ومثل قوله تعالى "اذا جاء نصر الله والفتح " وهذا يتكرر في كل عصر , وذكرت امثلة اخرى في مشاركتي السابقة لعلها الاخيرة منها.
قد يلحق الحالة التي اسميتها الثالثة ربما ايضا ما قد كنت طلبته وهي نصوص نثرية وشعرية ينطبق عليها المثال الأول الذي مثلَت به في اول كلامي.