ملتقي اهل اللغه (صفحة 2386)

وهمزة الاستفهام التي جاءت في هذه الصيغة أول كل آية من هذه الآيات الخمس معناها الإنكار والتوبيخ، ينكر الله تعالى على هؤلاء الناس غير المؤمنين المدلول عليهم بواو الجماعة في قوله تعالى: (يروا)؛ ينكر عليهم ويوبخهم ألا يروا هذه الآيات رؤية تأمل وتفكر واعتبار، رؤية تقودهم إلى أن الله الذي خلق هذه الأشياء العظيمة الدالة على كمال قدرته وبديع صنعه إله واحد لا شريك له، وأنه وحده المستحق للعبادة.

والإنكار هنا معناه لا ينبغي، وقد يجيء بمعنى النفي المحض، وسوف أنبهك على ذلك في موضعه.

أعود بك الآن إلى هذه الصيغة لأحدثك بما جاء فيها من مفردات:

(يروا) فعل مضارع مجزوم بـ (لم)، وعلامة جزمه حذف النون، وواو الجماعة فاعل مبني على السكون في محل رفع، والمراد به غير المؤمنين.

والرؤية هنا بصرية؛ ولذلك عديت بـ (إلى)، ولكنها ليست البصرية المحضة بل البصرية التي يقع بها الاعتبار ويصحبها التأمل والتفكر في أحوال الشيء المرئي.

لعلك قد رأيت هذه الواو التي جاءت بين همزة الاستفهام ولم في (أولم يروا) في الآية الأولى والآية الثالثة والآية الخامسة.

ولعلك قد رأيت أيضا هذه الفاء التي جاءت بين همزة الاستفهام ولم في (أفلم يروا إلى) في الآية الرابعة.

كثيرا ما تأتي هذه الواو وهذه الفاء العاطفتان بعد همزة الاستفهام، وتشاركهما (ثم) على قلة.

ويرى سيبويه وجمهور النحاة [ix] (http://www.ahlalloghah.com/#_edn9)[9] أن الهمزة إذا كانت في جملة معطوفة بالواو أو الفاء أو بثم قدمت على العاطف تنبيها على أصالتها في التصدير وبقي العطف على ما قبل الهمزة، والأصل في (أولم يروا): وألم يروا والأصل في (أفلم يروا) فألم يروا، بتقديم الواو والفاء على همزة الاستفهام، ثم قدمت همزة الاستفهام لما لها من الصدارة وأخر العاطف؛ فصارت الصيغة (أولم يروا)، (أفلم يروا)، وبقي العطف بعد تقديم الهمزة وتأخير العاطف بقي العطف على ما قبل الهمزة.

هذا مذهب سيبويه والجمهور، وخالفهم جماعة أولهم الزمخشري، فزعم أن همزة الاستفهام مع هذا العاطف في موضعها ولم تقدم عن تأخير، وأن العطف على جملة مقدرة بين الهمزة والعاطف، ويقدر المعطوف عليه هنا: أعموا ولم يروا، أعموا فلم يروا.

وقد ضعف ابن هشام الأنصاري في كتابه المغني [x] (http://www.ahlalloghah.com/#_edn10)[10] رأي الزمخشري هذا بأن فيه تكلفا لا داعي إليه، وبأنه غير مطرد، لأن الزمخشري نفسه جزم في مواضع في القرآن الكريم بما يقوله سيبويه وجمهور النحاة، وسيأتي ذكر بعض هذه المواضع في موضعها.

أما بعد فقد آن لهذه الرسالة الثالثة أن تنتهي، وآن لك يا أخت أن تستريحي.

أسأل الله تعالى أن نلتقي عما قريب في الرسالة الرابعة.

وسلام الله عليك ورحمته وبركاته

همزة الاستفهام

مراجع ذكرت معنى همزة الاستفهام في بعض الآيات الوارد ذكرها في هذه الرسالة الثالثة:

1 - الآية 19 من سورة إبراهيم:

تفسير الجلالين بهامش الفتوحات الإلهية ج 1 ص 520 طبعة الحلبي بمصر.

2 - الآية 83 من سورة مريم:

أ- تفسير أبي السعود ج 5 ص 281 الناشر مطبعة ومكتبة عبد الرحمن محمد بالقاهرة.

ب- تفسير الكشاف للزمخشري ج 2 ص 524 طبعة الحلبي بمصر.

3 - الآية 63 من سورة الحج:

أ - الفتوحات الإلهية ج 3 ص 178 طبعة الحلبي بمصر.

ب- تفسير أبي السعود ج 3 ص 233 الطبعة السالفة الذكر.

ج- تفسير القرطبي ج 12 ص 91 الطبعة الثانية المصورة عن طبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة.

د - تفسير البحر المحيط أبي حيان الأندلسي ج 6 ص 386 الطبعة المصورة عن طبعة السلطان عبد الحفيظ سلطان المغرب. الناشر دار الفكر.

4 - الآية 41 من سورة النور:

أ - الفتوحات الإلهية ج 3 ص 230 الطبعة السالفة الذكر.

ب - تفسير أبي السعود ج 6 ص 182 الطبعة السالفة الذكر.

5 - الآية 27 من سورة فاطر:

أ - تفسير أبي السعود ج 7 ص 150/ 151 الطبعة السالفة الذكر.

ب - تفسير البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي ج 7 ص 311 الطبعة السالفة الذكر.

6 - الآية 12 من سورة الفيل:

أ- البرهان للزركشي ج 2 ص 340 طبعة الحلبي بمصر (طبعة ثانية).

ب- تفسير أبي السعود ج 9 ص 200 الطبعة السالفة الذكر.

ج- تفسير القرطبي ج 20 ص 187 الطبعة السالفة الذكر.

7 - الآية 48 من سورة النحل:

أ- الفتوحات الإلهية ج 2 ص 573 الطبعة السالفة الذكر.

ب- تفسير أبي السعود ج 5 ص 118 الطبعة السالفة الذكر.

ج- تفسير البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي ج 5 ص 495 الطبعة السالفة الذكر.

8 - الآية 7 من سورة الشعراء:

تفسير أبي السعود ج 6 ص 234/ 235 الطبعة السالفة الذكر.

[1] [1] تفسير الكشاف للزمخشري ج 2 ص 524 طبعة الحلبي بمصر.

[1] [2] تفسير أبي السعود ج 5 ص 281 الناشر مطبعة ومكتبة عبد الرحمن محمد بالقاهرة.

[xi] (http://www.ahlalloghah.com/#_edn13)[3] البرهان للزركشي ج 2 ص 340 طبعة ثانية للحلبي بمصر.

[xii] (http://www.ahlalloghah.com/#_edn14)[4] تفسير الجلالين هامش الفتوحات الإلهية ج 4 ص 586 طبعة الحلبي بمصر.

[xiii] (http://www.ahlalloghah.com/#_edn15)[5] تفسير القرطبي ج 20 ص 187 الطبعة المصورة عن طبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة.

[xiv] (http://www.ahlalloghah.com/#_edn16)[6] تفسير أبي السعود ج 9 ص 200 الطبعة السالفة الذكر.

[xv] (http://www.ahlalloghah.com/#_edn17)[7] حاشية الدسوقي على مغني اللبيب لابن هشام الأنصاري ج 1 ص 217 الناشر مطبعة ومكتبة المشهد الحسيني بالقاهرة.

[xvi] (http://www.ahlalloghah.com/#_edn18)[8] حاشية الدسوقي على مغني اللبيب لابن هشام الأنصاري ج 1 ص 217 الناشر مطبعة ومكتبة المشهد الحسيني بالقاهرة.

[1] [9] مغني اللبيب لابن هشام الأنصاري ج 1 ص 8/ 9 تحقيق الدكتور مازن المبارك وزميله، الناشر دار الفكر.

[xvii] (http://www.ahlalloghah.com/#_edn20)[10] مغني اللبيب لابن هشام الأنصاري ج 1 ص 9/ 10 تحقيق الدكتور مازن المبارك وزميله. الناشر: دار الفكر

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015