ـ[أبو الفداء]ــــــــ[18 - 04 - 2013, 12:32 ص]ـ
هناك تباين بين معنى الفصاحة والبلاغة،
حيث أن الفصاحة تقع صفة للكلام والمتكلم والمفرد، فنقول:
1 - صفة للكلام: "قصيدة فصيحة"، "رسالة فصيحة".
2 - صفة للمتكلم: "شاعر فصيح"، "كاتب فصيح".
3 - صفة للمفرد: " كلمة فصيحة".
فاصل1
أمّا البلاغة فتقع صفة للكلام والمتكلم فقط، ولا تقع صفة للمفرد، فنقول:
1 - صفة للكلام: "قصيدة بليغة "، "رسالة بليغة".
2 - صفة للمتكلم: "شاعر بليغ"، "كاتب بليغ".
ولا نقول " كلمة بليغة " لأن البلاغة لا تقع صفة للمفرد.
وتكون فصاحة المفرد، عن طريق خلوصه من أربعة أمور، وهي:
1 - خلوصه من تنافر الحروف:
ومعنى تنافر الحروف، هو ما تكون الكلمة بسببه متناهية في الثِّقل على اللسان، وعسر النطق بها.
مثال ذلك: رُوي أن أعرابياً سُئل عن ناقته، فقال: تركتها ترعى الهُعْخُع
الهُعْخُع: اسم نبات.
ومنه ما دون ذلك كلفظ " مستشزر" في قول امرئ القيس:
غدائره مسشزراتٌ إلى العُلا
غدائره: ذوائبه، أي خُصل شعره.
مستشزرات: مرتفعات.
2 - خلوصه الغرابة:
ومعنى الغرابة، هو أن تكون الكلمة وحشيّة، لا يظهر معناها، فيحتاج أن ينقَّر عنها في كتب اللغة المبسوطة.
مثال ذلك: رُوي عن عيسى بن عمر النحوي أنّه سقط عن حمار، فاجتمع عليه الناس، فقال:" مالكم تَكَأْكَتُم عليّ تَكَأْكُؤْكُم على ذي جِنّة، افرنقعوا عنّي" أي اجتمعتم تنحَّوا.
أو الاختلاف في تخريج المعنى.
مثال ذلك، قال العجاج:
وفاحماً ومَرْسناً مُسرَّجا
قيل هي من "السيف السُرَيجيّ"، نسبة إلى قينٍ اسمه سُرَيج.
أو هي من "البريق"، نقول سَرَّج الله وجهه.
3 - خلوصه من مخالفة القياس
مثال ذلك، قول الشاعر: الحمدُ لله العليِّ الأَجْلَلِ
فإن القياس"الأَجَلِّ" بالإدغام.
4 - خلوصه من الكراهية في السمع،
ومعنى الكراهية في السمع، هو بأن تُمجَّ الكلمة، ويُتَبَرَّأُ من سماعها،
مثال ذلك، لفظ " الجِرِشَّى" في قول أبي الطيب:
كريمُ الجِرِشَّى، شريفِ النسب
أي كريم النفس.
5 - وهناك من يزيد خامسة عليها، وهو أن يكون استعمال العرب الموثوقون بهم لها كثيراً، أو أكثر مما بمعناها.
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[18 - 04 - 2013, 01:19 ص]ـ
وتكون فصاحة الكلام في خلوصه من أربعة أمور، وهي:
1 - خلوصه من ضعف التأليف:
ومعنى ضعف التأليف، هو أن يقع في الكلام أخطاء نحْوية
2 - خلوصه من تنافر الكلمات
معنى تنافر الكلمات، هو ما تكون الكلمات بسببه متناهية في الثِّقل على اللسان، وعسر النطق بها متتابعة
مثال ذلك، أنششد الجاحظ يقول:
وقبرُ حربٍ بمكانِ قفرٍ ** وليسَ قُرْبَ قَبرِ حربٍ قبر
أو دون ذلك كقول أبي تمام:
كريم أَمْدَحْهُ أَمْدَحْهُ والورى ** وإذا ما لمته لمته لمته وحدي
فإن في قوله" أَمْدَحْهُ " ثقلاً ما، لما بين الحاء والهاء من تنافر.
3 - خلوصه من التعقيد:
ومعنى التعقيد: هو ألا يكون الكلام ظاهر الدّلالة على المراد به، وله سببان:
أحدهما، ما يرجع إلى اللفظ، كقول الفزردق:
وما مثله في الناس إلا مملَّكاً ** أبو أمه حيٌّ أبوه يقاربه
وكان حقه أن يقول: وما مثله في الناس حيٌّ يقاربه، إلا مملَّكا أبو أمه أبوه.
والشرح: وما مثله- يعني إبراهيم الممدوح- في الناس حيٌّ يقاربه إلا مملَّكا- يعني هشام، أبو أمه (أبو أم هشام)، أبوه (أبو إبراهيم الممدوح)
فالكلام الخالي من التعقيد اللفظي: هو ما سلم نظمه من " الخلل "، فلم يكن ين مخالف للأصل، من تقديم أو تأخير، أو إضمار، إلا وقد قامت عليه قرينة ظاهرة (معنوية أو لفظية).
الثاني: ما يرجع إلى المعنى، هو ألا يكون الانتقال من المعنى الأول إلى المعنى الثاني المراد ظاهراً.
مثال ذلك، قول العباس بن الأحنف:
سأطلب بعد الدار عنكم لتقربوا ** وتسكب عيناي الدموع لتجمدا
ظنّ الشاعر أن الجمود هو المسرة، ولكنه أخطأ فالجمود يراد به البخل.
4 - خلوصه من كثرة التكرار وتتابع الإضافات:
مثال ذلك، قول أبي الطيب:
سبُوح لها منها عليها شواهد
وقول ابن بَابَك:
حمامة جرعا حومة الجندل اسجعي
ملحوظة، إن أفضى كثرة التكرار وتتابع الإضافات إلى الثِّقل على اللسان فقد حصل الإحتراز منه بما تقدم، وإلا فلا تخل بالفصاحة.
وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:" الكريم ابن الكريم ابن الكريم، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم"
قال الشيخ عبد القاهر قال الصاحب: إيَّاك والإضافات المتداخلة فإنها لا تَحْسُن، وذكر أنها ستعمل في الهجاء، كقول القائل:
هو الكلب ابن الكلب والكلب جده ** ولا خير في كلب تناسل من كلبِ
ثم قال الشيخ ولا شكّ في ثقل ذلك في الأكثر، لكنه إذا سلم من الاستكراه مَلُح ولطُف
كقول الخالديِّ يصف غلاماً له:
ويعرف الشعر مثل معرفتي ** وهو على أن يزيد مجتهدُ
وصيرفيُّ القريض، وزَّانُ دينار المعاني الدِّقاقِ، منتقدُ
¥