ملتقي اهل اللغه (صفحة 2349)

الأخيران التاسع عشر والعشرون من ص 168 إلى ص192 ذكرا لآراء إيفانوفتش الروسي عن أوروبا وآسيا وإفريقيا

وكيف أن أوروبا ابنة آسيا وأفريقيا قد عقتهما، ورغبته في السفر إلى الشرق لرداءة اوروبا، وظلت هذه الصفحات الكثيرة خالية من الأحداث الحقيقية.

أما "عصفوران بين الشرق والغرب" فالأحداث تبدأ فيها منذ المقطع الأول ص5، فتعرفنا يوسف العصفور الشرقي ومارتينا العصفور الغربي- تعريفا يوهمنا بأن خط السير سيكون هو خط سير عصفور 1938م حيث الهوى، ثم تبدأ الأحداث من ص10 تشير إلى أن اختلافا سيحدث؛ فقد ذكرت مارتينا ما سبق أن ذكره إيفانوفتش في عصفور الحكيم فلخصت الفصلين الأخيرين في معاناتها في صفحات كان آخرها ص 11 حيث هذا الجزء من الحوار:

"مارتينا: لقد ذهبت لكثير من الأطباء النفسيين وآباء الكنيسة فزادوني رهقا على رهقي.

يوسف: وما الذي عندي وليس عندهم؟

مارتينا: أنت لديك الأمل الأخير الذي لو لم أجده عندك فسأنتحر بلا تردد!

يتعجب يوسف: أنا؟ وما هذا الأمل؟

مارتينا: الإسلام".

هكذا نجد إنسان أوروبا قد ذهبت به المعاناة كل مذهب، ولم يعد يجد إلا الإسلام نجاة. هنا صرح بالإسلام، أما في عصفور الحكيم فقد كان الشرق فقط.

ثم تحكي مارتينا قصتها المتوقعة من تفكك أسرة ومعاناة، وعدم رضى بالكنيسة التي تزيدها حيرة، ثم رحلتها في القراءة عن الإسلام. ثم يلتقط يوسف الكلام فيحكي سبب سفره إلى فرنسا المتمثل في سيطرة الفاسدين على أبيه، وانغماس أبيه في الحرام، وكيف كانت البداية مع تملك أراضي الدولة بما هو معروف من فساد إداري.

إذا، العصفوران هنا مهمومان لكن ليس بسبب الهوى الساقط البهيمي، إنما هما مهمومان بالنقاء والصفاء الذي يدفعهما إليه فساد الواقع حولهما هنا وهناك الذي جعل إنجلينا صديقة مارتينا تتزوج حمارا لا لشيء إلا للنفور من غدر بني الإنسان، وجعل حسن المصري المهاجر يترك أسرته بسبب والد يوسف ونظرائه ممن يسمون رجال الأعمال.

واستعان يوسف بحسن لمعرفة المركز الإسلامي الذي سيمد مارتينا بما يروي غلتها، وذهبت، واستقبلتها فرنسية مسلمة تسمت بـ"فاطمة" صارت فيما بعد الصديقة والمرشدة. ثم برزت كاميليا وبطرس، وجرت المناظرة في ندوة "أوقفوا أسلمة أوروبا" التي تحول يوسف بسببها إلى مسلم داعية لدينه بسمته وعلمه وسلوكه. وتنذر مارتينا نفسها للإسلام بعد إسلامها وتسميها بـ"عائشة"، ويعود يوسف إلى مصر على وعد بقدوم عائشة للزواج، وتأتي عائشة لكن مجتمع المسلمين في مصر الذي يعيش الانتماء الاسمي إلى الإسلام وتصرفه وسمته وسلوكه يصادم حقائقه كما فعلت "حسنية" تلك الشيوعية التي تحارب الإسلام في ديار الإسلام- يصدمها فتتركه عائدة إلى فرنسا، ولا يجدي معها محاولات يوسف بالزواج والعمل معا للإسلام.

وتصف عصفورة الغرب 2013م عصفور الشرق ص184عندما تتحدث عن تلك النسوة اللاتي جالسنها ولم يعجبهن حماستها للإسلام:"إنهن يردن إفهامي أن الإسلام الحقيقي هو ما يفعلن من ملابس فاضحة وخمور وترك الصلاة وباقي شعائر الإسلام، وأن غير ذلك هو إسلام متشدد".

وهذا ما يدل عليه تصور وسلوك "عصفور الشرق" الذي لا يرى فرقا بين الكنيسة والمسجد والمسرح، ولا يرى في عبادته السيدة زينب خروجا عن الإسلام، و ... إلخ.

وتختتم الرواية بهذه الحوارية ص85 - 86 بعد أن صارت مارتنيا عائشة:

عائشة: إن الدعوة إلى الإسلام بالنسبة لي كالماء بالنسبة للسمك.

....

عائشة: إذن، فليحلق كل منا في بلاده ومجتمعه حيث يعرفه جيدا، أنت هنا في الشرق الذي يحتاج إليك، وأنا هناك في بلادي الحبيبة، ولو اجتهدنا فلربما جمعنا الشرق والغرب يوما ما، وعسى أن يكون قريبا".

هذا هو فعل المسلم الذي يعمل لدينه؛ فهو ليس كذلك الجالس في شرفة بيته يتابع شجارا بين من لا يعنيه أمرهم؛ فهو يتأسف ويبدي حزنا مصطنعا سيختلف حتما عن حزن ذلك الأب الذي له ابن داخل هذا الشجار؛ مما سيضطره إلى النزول إلى الطريق مهما كانت العواقب. لماذا؟ لأن الأمر يعنيه حقا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015