ملتقي اهل اللغه (صفحة 12580)

فإذَا أردْتَ كتابةَ الرَّاءِ المعلَّقَةِ بعدَ سنَّةٍ كالباءِ والتَّاءِ والثَّاءِ والنُّونِ والياءِ جعلْتَها مقلُوبةً؛ لتُوافِقَ تقوُّسَ بدايةِ هذِه الرَّاءِ:

http://im44.gulfup.com/Mah2YW.jpg

انظُرْ إلى تنافُرِ السِّنَّةِ القائمةِ معَ الرَّاءِ البيضَاويَّةِ؛ وذلِكَ لما بينَ الشَّكليْنِ منْ تفاوُتٍ في الحجمِ والوزْنِ.

وهذَا خاصٌّ بالنَّسْخِ والإجازةِ ولا يُوجدُ في الثُّلُثِ؛ لأنَّ الباءَ المقلُوبةَ (الجسر = الكوبري) لا توجدُ في الثُّلُثِ بالشَّكلِ الدَّائريِّ ولكنْ تأتي متموِّجةً قبلَ الجيمِ ونحْوِها، معَ أنَّها مُشِّيَتْ في سنَّةِ السِّينِ والصَّادِ تلتقي بالرَّاءِ المدغمةِ.

يقولُ بعضُ الباحثينَ في أحدِ أسبابِ تسميةِ الخطِّ اللَّيِّنِ المؤصَّلِ المقعَّدِ بـ (المنسوبِ): (اهتدَى فُقهاءُ هذَا الفنِّ إلى التَّناسُبِ فيما بينَ عرضِ الخطِّ وطُولِه مبدأً لفلسفةِ التَّفضيلِ الجماليِّ في فنِّ الخطِّ العربيِّ)، ثمَّ نقلَ عن بعضِهمْ ـ وهو الشَّاهدُ ـ: (إنَّ مبادِئَ علمِ تركيبِ أشكالِ بسائطِ الحروفِ اسْتِحْسانيَّةٌ، ترجِعُ كُلُّها إلى رعايةِ النِّسبةِ الطَّبيعيَّةِ في الأشكالِ، ولَه استِمدادٌ منَ الهندَسِيَّاتِ) اهـ.

فالحرفُ العربيُّ اللَّيِّنُ وإنِ اتُّفِقَ فيه على أساسِ التَّناسُبِ هذَا ورعايةِ الأشكالِ الهندسيَّةِ وأنْ لا تخرُجَ الكتابةُ المنتظِمةُ عنهُ إلَّا أنَّه يبقَى فيه مجالٌ في أداءِ بعضِ أفرادِ الحروفِ والمركَّباتِ، يحكِّمُ فيه الكاتِبُ ذَوْقَه واسْتِحْسانَه.

ولهذَا حدَّثَنا بعضُ الأساتِذَةِ أنَّه حينَ زارَ الخطَّاطَ (عُثْمان طه) في مكتبِه رآهُ يكتُبُ شيئًا بالدِّيوانيِّ، فكانَ فيما كتبَ حرفُ نون، فكتبَها كما في جليِّ الدِّيوانيِّ، النُّونَ الكبيرةَ الَّتي تُشْبِه البطِّيخ! أقْصِدُ تُشْبِهُ الباءَ، فقالَ لَه أسْتاذُنا هذَا: هذِه النُّون لا تكتبُ في الدِّيوانيِّ ولكنْ في الجليِّ منهُ، فكانَ جَوابُه: (ولكنَّها جميلةٌ)! أو كما قالَ.

ولعلَّ ما يبدُو منَ التَّنافُرِ اليسِيرِ في كتابةِ الأسْتاذ (مختار عالم) أنَّه جعلَ اللَّامَ مُسْتقِرَّةً على السَّطرِ ثمَّ مشَّى القلمَ إلى الرَّاءِ، ولوْ عالجَ المسألةَ قليلًا برفعِ اللَّامِ شيْئًا يَسِيرًا؛ لتأتيَ الرَّاءُ منِ انْحِدارٍ يوافقُ الجزءَ الأوَّلَ منها، كما فعلَ الأسْتاذُ (عباس البغداديُّ):

http://im44.gulfup.com/5OLYY1.jpg

المحصِّلة: أنَّ هذَا جائزٌ ومقبُولٌ، ولا مانعَ منهُ، لاتِّفاقِ هذِه الخطوطِ في الأصْلِ وصُورِ الحروفِ وطبيعتِها، ولأنَّ الذَّوقَ يقبلُها، ولو لم يكتُبْها أحدٌ منَ السَّابقينَ؛ فليْسَ فعلُهمْ وحْيًا، ولا ثمَّ كتابٌ ولا سنَّةٍ.

واللهُ أعلمُ

وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصَحْبِه

ـ[عائشة]ــــــــ[04 - 05 - 2014, 02:49 م]ـ

الأستاذ الخطَّاط/ أبا محمَّد فضل بن محمَّد

جزاكَ اللهُ خيرًا علَى هذا التَّفصيلِ الجميلِ، وشكرَ لكَ اهتمامَك، وجهدَكَ.

ولهذَا حدَّثَنا بعضُ الأساتِذَةِ أنَّه حينَ زارَ الخطَّاطَ (عُثْمان طه) في مكتبِه رآهُ يكتُبُ شيئًا بالدِّيوانيِّ، فكانَ فيما كتبَ حرفُ نون، فكتبَها كما في جليِّ الدِّيوانيِّ، النُّونَ الكبيرةَ الَّتي تُشْبِه البطِّيخ! أقْصِدُ تُشْبِهُ الباءَ، فقالَ لَه أسْتاذُنا هذَا: هذِه النُّون لا تكتبُ في الدِّيوانيِّ ولكنْ في الجليِّ منهُ، فكانَ جَوابُه: (ولكنَّها جميلةٌ)! أو كما قالَ.

وعلَى ذكْرِ هذا: فقد كنتُ رأيتُ للخطَّاط (مختار عالم) كتابةً لقولِه تعالَى: ((وكانَ بالمؤمنينَ رحيمًا)) بخطّ الرّقعةِ، مدَّ فيها النُّونَ، وهي هذه:

http://im44.gulfup.com/vsYxRs.png

فسألَه أحدُهم قائلًا: هل يجوزُ مدُّ النون، والياء، والفاء، والقاف، والباء المفرد، والمتطرِّف في خطِّ الرقعةِ؟ فكانَ نصُّ جوابِه: (مصطلَح (يجوز)، أو (لا يجوزُ) استخدامُه في الخطِّ غيرُ سليمٍ؛ وإنَّما (يصحُّ)، أو (ينبغي)، وغيرهما أفضل. وكانَ أستاذُنا إذا كتبَ الواحد فينا، وكانت الكتابة غيرَ سليمة؛ ما كانَ يقول لنا: إنَّ هذا خطأ؛ وإنَّما كانَ يقول: إنَّ هذا ليس علَى القاعدة. وهناك أشياء اتَّفق الخطاطونَ عليها؛ ولكنَّها مُلبسة على القارئ والمُشاهِد، مثال ذلك: حرف الميم، والميم مع الرَّاء، كلاهما لهما الشكل نفسه، وكذلك: الرَّاء البيضاويَّة، والباء مع الرَّاء؛ ولكن لم يتحدَّثْ فيه أحد، أخذناه بدون مناقشة، ولو ناقشتَه لن تصلَ إلى حلٍّ. ولكن إذا أتيتَ بأيِّ صورةٍ لحرفٍ أو كلمة جديدة، وقد تكون سهلةَ القراءة وجميلة؛ فلن يقبلوه. علَى كلٍّ: ما سألتَ عنه أحدُ مشايخنا يفعلها، وقد رأيتُها جميلةً، فأخذتُها عنه. وباللهِ التَّوفيق) انتهى.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015