ملتقي اهل اللغه (صفحة 12549)

وقد ينحرف الإنسان بفكره عن سواء السبيل،كما قد ينحرف بلغته عن الصواب، وفي كلتا الحالتين ضر كثير يلحق صاحب الفكر المنحرف والقول المنجرف، قبل أن يلحق الآخرين من مستمعين أو قراء؛فعلى المرء أن يحافظ على سلامة فكره من الضلال الفكري والانحراف العقدي المؤدي إلى تشتت النفس في الدنيا والهلاك في الآخرة، كما عليه أن يحافظ على لغته من العي والخصر والتجريح والشتم وما إلى ذلك من أمراض الكلام ولدغات اللسان، "فكلك عورات وللناس ألسن".

وبناء على ما سبق يبدو أن من الضروري أن يطمئن كل إنسان في سير حياته على سلامة فكره واستقامته، وعلى سلامة لغته وصحة قوله، والله المستعان وعليه التكلان.

ولكل إنسان طريقته في التفكير، قد تتفق مع طرائق الآخرين وقد تختلف، وكذلك لكل أمة سمات تميز فكرها النابئ من عقيدتها وفلسفة حياتها ومبلغها من العلم والمعرفة والحضارة والتقدم المعنوي والمادي، كذلك لكل لغة أساليبها في التعبير الشفهي والكتابي وخصائصها اللفظية والمعنوية التي تميزها عن غيرها من اللغات، بحسب حظها من الكلمات ونصيبها من الحضارة والتقدم، وما خصها الله بها من بين اللغات والألسنة. وهي من آيات الله في الكون.

وقد تختلف اللغات إيجازا وإطنابا، ووضوحا وغموضا، ويسرا وعسرا، والفكرة واحدة؛ إذ لا تلازم بين وضوح الفكرة ونصاعتها وبين بيان اللغة وفصاحتها، فقد يكون الفكر سليما،فتفسده ركاكة الأسلوب وعجز المتكلم عن التعبير السليم، والعكس صحيح؛ إذ قد يكون الأسلوب بينا فصيحا،فيعيبه فساد الفكرة، وسوء المضمون. فلنحذر التعبير عن الأفكار الصحيحة والآراء المصيبة والنظريات المفيدة،بالأساليب الرديئة، وتعاظل الكلام وحوشي العبارات، وكذلك العكس، وهو استغلال الأساليب الجميلة والعبارات الرزينة والأقوال الفصيحة واللغة العالية في نشر الأباطيل والخرافات والأكاذيب والضلالات. وكلا الأمرين حدث ويحدث كثيرا في دنيا الناس، والمعصوم من عصمه الله، والناجي من حفظه الله والفائز من وفقه الله. أسأل الله ذلك ولك، أخي الكريم.

وهذه دعوة إلى مزيد العناية بالأمرين (الفكر واللغة) ورعاية الجانبين معا،دون أن يضر أحدهما بالآخر، فهما مرتبطان متلازمان متعاونان.

هذا والحمد لله رب العالمين، وصل-اللهم- على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم.

ـ[أبو العباس]ــــــــ[31 - 05 - 2008, 12:02 م]ـ

الفكر هو أساس اللغة، إذ اللغة بلا فكر نوع من الهذيان!

وإذا غذي الفكر بالعلم ثم اشتمل على القلم سيولة اللغة فقد كمل صاحبه.

أبو العباس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015