وهذه الابيات كتبها الحافظ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادي بخطه ونقلها من خطه المحدث أبو نصر محمد بن طولوبغا وبخطه وجدتها ووجدتها أيضا بخط الحافظ أبي عبد الله الذهبي لكن البيت الخامس منها:
فاظهر الحق إذ آثاره درس - وأخمد الشر إذ طارت به الشرر
وباقي الابيات سواء قال الشيخ زين الدين ابن رجب في كتابه الطبقات عن هذه الابيات قال ويقال إن أبا حيان لم يقل أبياتا خيرا منها ولا أفحل انتهى.
ووجدتها أيضا بخط شيخنا الحافظ أبي بكر محمد بن المحب وقرأها على أبي حيان عرضا فإن شيخنا لما حج في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة إجتمع بأبي حيان بمكة زادها الله شرفا وسمع من لفظه جزءا من فوائده في أوله اناشيد غزلية من نظمه أخر ابو حيان قراءتها أولا ثم قرأها آخر الجزء واعتذر عن قراءتها فيما قاله شيخنا في تلك البقعة الشريفة مما لا عذر له فيه إلا من جنس عذره لنظمه لذلك
وقرأ شيخنا أيضا على ابي حيان أحاديث عدة من مروياته في يوم الأحد سادس ذي الحجة من السنة وأوقف أبا حيان على هذه الأبيات التي مدح بها الشيخ تقي الدين عرضها عليد فقال قد كشطتها من ديواني ولا أثني عليه بخير وقال ناظرته فذكرت له كلام سيبويه فقال يفشر سيبويه قال يعني ابا حيان وهذا لا يستحق الخطاب انتهى.
وهذه القصة ذكرها الحافظ العلامة أبو الفداء اسماعيل بن كثير في تاريخه وهي أن أبا حيان تكلم مع الشيخ تقي الدين في مسألة في النحو فقطعه ابن تيمية فيها وألزمه الحجة فذكر ابو حيان كلام سيبويه فقال ابن تيمية يفشر سيبويه أسيبويه نبي النحو أرسله الله به حتى يكون معصوما سيبويه أخطأ في القرآن في ثمانين موضعا لا تفهمها أنت ولا هو هذا الكلام أو نحوه على ما سمعته من جماعة أخبروا به عن هذه الواقعة.
وقد كان ابن تيمية لا تأخذه في الحق لومة لائم وليس عنده مداهنة وكان مادحه وذامه عنده في الحق سواء انتهى.
لكن بعد موت الشيخ تقي الدين رحمة الله عليه رثاه بعض المصريين بقصيدة وعرضها على أبي حيان فسمعها منه وأقره عليها قال ابن عبد الهادي في ترجمة الشيخ تقي الدين المفردة حين ذكر مراثيه قال ومنها قصيدة لرجل جندي من أهل مصر أرسلها وذكر أنه عرضها على الامام أبي حيان النحوي وهي هذه:
خطب دنا فبكى له الاسلام - وبكت لعظم بكائه الايام
وذكر القصيدة ومنها:
بحر العلوم وكنز كل فضيلة - في الدهر فرد في الزمان إمام
ومنها:
والسنة البيضاء أحيا ميْتها - فغدت عليها حرمة وزمام
وأمات من بدع الضلال عوائدا - لا يستطيع لدفعها الصمصام
فلئن تأخر في القرون لثامن - فلقد تقدم في العلوم أمام
قلت وناظم هذه القصيدة يقال له: بدر الدين ابن عز الدين المغيثي - رحمه الله تعالى -، وأراه محمد بن عبد العزيز بن كمال الدين عبد الرحيم المارديني الصفار وكان والده عز الدين من خواص أصحاب الشيخ تقي الدين وكتب ابنه بدر الدين المذكور مصنف الشيخ في الرد على الرافضي في ست مجلدات هي عندي بخطه يترجم الشيخ في أوائل كل جزء بترجمة بليغة من ذلك قوله في حاشية الجزء الاول فيما وجدته بخطه تأليف شيخ الاسلام والمسلمين القائم ببيان الحق ونصر الدين الداعي الى الله ورسوله المجاهد في سبيله الذي أضحك الله به من الدين ما كان عابسا، وأحيا من السنة ما كان دارسا، والنور الذي أطلعه الله في ليل الشبهات فكشف به غياهب الظلمات، وفتح به من القلوب مقفلها، وأزاح به عن النفوس عللها، فقمع به زيغ الزائغين وشك الشاكين وانتحال المبطلين وصدقت به بشارة رسول رب العالمين بقوله صلى الله عليه وسلم إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها وبقوله صلى الله عليه وسلم يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين. اهـ
=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-
ومن ما وقع في تشابه الأسماء (أحمد الزيات)، وهما مسلمين، عكس صاحبي الكنية (أبو حيان):
1 - أحمد بن حسن الزيات: أحد أركان النهضة الأدبية بمصر، ومؤسس مجلة الرسالة، المختار عضوا بالمجمع اللغوي بمصر والعراق وسوريا، ومن أعماله المشهورة كتاب: (تاريخ الأدب العربي)، وله أيضا: (وحي الرسالة)، (ودفاع عن البلاغة)، و (في أصول الأدب)، وترجم للفرنسية: (الآم فرتر) لجوته، و (روفائيل) للامرتين.
وأحسب أن الشيخ الطنطاوي - الذي له بصر بالفرنسية - أثنى على ترجمته ثناء عاطرا جدا إما في كتاب (فِكَر ومباحث) أو: (من حديث النفس) - في ما أذكر -.
توفي: 16/ 3/ 1388
=-=-=-=-=-=-=-=-=-
2 - أحمد بن عبد العزيز الزيات:
وهو معمر، قرأ عليه الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي - إمام المسجد النبوي - _ ومكَّن له في المدينة حتى مكث بها _، وابنه أحمد، والشيخ الولي التقي - أحسبه كذلك - أ. د. عبدالله عمر [مركبا] الشنقيطي، وكان سنده أعلى الأسانيد بمصر، يقول تلميذه عبد العزيز الحربي - صاحب الشرح على الألفية والآجرومية -:
المقرئ العلامة أحمد بن عبد العزيز بن أحمد بن محمد الزيات ولد عام 1907م بالقاهرة.
حفظ القرآن وهو صغير وأخذ القراءات عن الشيخ خليل الجنايني وعبد الفتاح هنيدي، وقال عن نفسه: أمرني شيخي عبد الفتاح بالاقراء وعمري اثنتا عشرة سنة وكنت قد حفظت القراءات العشر من جميع الطرق.
اشتهر بالزيات وكان عف اللسان متقللا سالم الصدر قوي الثقة بالله محمود السيرة نقي السريرة، له ورد في القرآن لا يتركه يختم كل اسبوع، وقال: كلفت وأنا في الرابعة عشر من عمري بصلاة القيام إماما وأول خطأ وقع لي في سورة هود عليه السلام.
من تلامذته المشايخ والعلماء:
محمود سيبويه البدوي
عبد الرافع الشرقاوي
محمود جادو
عبد الحكيم خاطر
محمد أبو رواش
محمد تميم الزعبي الحمصي
عبد الفتاح المرصفي
علي عبد الرحمن الحذيفي
ابراهيم الأخضر
أيمن سويد
وتوفي وله تلامذة لا يحصون
من مصنفاته:
شرح تنقيح فتح الرحمن
تحقيق عمدة العرفان
وقد فقد بصره وهو في السابعة من عمره.
وتوفي فجر الأحد 16/ 8/1424هـ عن مئة عام كاملة.
¥