ـ[عائشة]ــــــــ[25 - 06 - 2014, 02:59 م]ـ
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ علَى رسولِ اللهِ، وبعدُ:
فهذا موضعٌ يُحتاجُ إليه عندَ ضبطِ الكلامِ المنظومِ، ويقعُ الخطأُ فيه؛ إذ يحذفونَ تنوينَ ما قُصِرَ في ضرورةِ الشّعرِ.
وقد نبَّهَ أستاذُنا فيصلٌ المنصور -نفعَ اللهُ بعلمِه- علَى خطإِ ذلك، في حديثٍ له سابقٍ عن البيتِ المشهورِ في حُروفِ الإخفاءِ:
صِفْ ذا ثنا كمْ جادَ شخصٌ قد سَما * دُمْ طيِّبًا زِدْ في تقًى ضَعْ ظالِما
فنبَّهَ علَى أنَّ تنوين (ثَنًا) واجبٌ؛ لأنَّ أصلَها (ثناءٍ) بالتَّنوينِ، ثُمَّ حُذِفَتِ الهمزةُ ضرورةً، وبقيَ التَّنوينُ، لم يزلْه شيءٌ عن مكانِه. وذَكرَ ما يشهَدُ لذلك، وهو أنَّه سُمِعَ عن بعضِ العربِ أنَّهم يقولونَ: (شربتُ مًا)، يُريدونَ: ماءً، فخذفوا الهمزةَ، ولم يحذفوا التَّنوينَ. [راجِعِ الحكايةَ في: «مجالس ثعلب 1/ 87»، و «سرّ صناعة الإعراب 2/ 786» لابنِ جنّي، و «المنصف 2/ 146» لَهُ]. وهذا كلُّه مُستفادٌ من الأستاذِ فيصلٍ -جزاهُ الله خيرًا- كما تقدَّمَ-.
وقد وقفتُ في «الأجوبة المرضيَّة عن الأسئلةِ النَّحويَّة» لأبي عبدِ الله الرَّاعي (ت 853) علَى كلامٍ في هذا الموضوعِ، فأحببتُ أن أنقلَ شيئًا منه. قالَ -رَحِمَه اللهُ-: (سمعتُ كثيرًا من صدورِ الطَّلَبةِ بمصر يحذفونَ التَّنوينَ من نحوِ: (تا) من قولِ ابنِ مالكٍ: (ومَا بِتًا وألفٍ قد جُمِعا)، ومثل قولِه في آخر الألفيَّةِ: (ذو اللِّين فًا تًا في افتعالٍ أُبْدِلا)، فقرأتُه علَى بعضِهم، وسألتُهم عن (طا) في قولِه: (طًا تَا افتعالٍ رُدّ إثْرَ مُطْبَقِ)، فنوَّنوهُ، فطلبتهم بالفرقِ، فانقطعوا، ولم يعرفوا أصلَ المسألةِ. وبلغَني أنَّ بعضَ كبار المشايخ سُئلَ عن ذلك، فتوقَّفَ!
وسألَني بعضُهم عن ذلك، والجوابُ: أنَّ حذفَ التَّنوين فيها غلطٌ؛ لأنَّ (تا)، و (فا)، و (طا)، ونحوها من أسماء الحروفِ: ثلاثيَّة الحروف، ولامُها همزةٌ؛ لأنَّ أصلَها (تاء)، و (فاء)، و (طاء)، ونحو ذلك بهمزةٍ في الآخِر. فلما اضطُرَّ الشَّاعرُ؛ حذفَ الهمزةَ ضرورةً علَى غيرِ قياسٍ، كما حُذفت لامُ (يد)، و (دم) في الفصيحِ علَى غيرِ قياسٍ أيضًا، [فعادَ] الإعرابُ لذلك، وعادَ التَّنوينُ لما قبل الألف، فنُوِّنَ، كما كانَ ذلك في نحو: (عصًا)، و (فتًى)؛ لأنَّ أسماءَ الحروفِ لا مُوجِبَ لمنعِ صرفِها؛ لأنَّها نكراتٌ، ولهذا [صَحَّ] دخول (أَلْ) عليها، ولا بُدَّ لها من تنوينِ التَّمكينِ ... وإنَّما غَرَّ الجماعةَ فيه حذفُ التَّنوينِ من (تا) في قولِه أوَّلًا: (بِتَا فَعَلْتَ وأَتَتْ)، وسيأتي أنَّه مُضافٌ لـ (فَعَلْتَ)) إلَى آخرِ ما قالَ في المسألةِ السَّابعة والعشرين من الكتابِ المذكورِ.
واللهُ تعالَى أعلمُ.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[25 - 06 - 2014, 09:39 م]ـ
(فنبَّهَ علَى أنَّ تنوين (ثَنًا) واجبٌ؛ لأنَّ أصلَها (ثناءٍ) بالتَّنوينِ، ثُمَّ حُذِفَتِ الهمزةُ ضرورةً، وبقيَ التَّنوينُ، لم يزلْه شيءٌ عن مكانِه)
نعم (بقيَ التَّنوينُ)
ولكنه زال عن مكانه المحذوف وهو الهمزة إلى مكان الحرف الذي قبل الهمزة.
فكيف قيل: (لم يزلْه شيءٌ عن مكانِه)
عذرا؛ قصر فهمي عن ذاك فرغبت في بيانه.
ـ[عائشة]ــــــــ[25 - 06 - 2014, 10:21 م]ـ
شكر اللهُ لكم أستاذَنا. وأعتذرُ لأنّي لم أنقل كاملَ كلامِه، وإنَّما أوردتُّه باختصارٍ، ذلك أنَّه - نفع الله به - قالَ بعدَ ذلك كلامًا مهمًّا يوضّح المُرادَ، وسأنقلُ ما قالَ بنصّه - نسخًا من (ملتقى أهل الحديث) -:
(وكذلك (ثنًا)؛ فإن تنوينَها واجبٌ، لأنَّ أصلَها (ثناء) منوَّنة؛ إذِ الهمزةُ فيها مبدلةٌ عن أصلٍ؛ وهوَ الياءُ؛ ثمَّ حُذِِفت الهمزةُ ضرورةً، وبقِيَ التنوينُ، لم يزِله شيءٌ عن مكانِه. وإذا حُذِفتِ الهمزةُ وكانت منوَّنةً لم يُحذف معها التنوينُ بعدَها؛ إذْ كان حرفًا منفصِلاً عنها، وليسَ حالًا من أحوالِها كالحركاتِ. وهذا تصويرٌ لحدوثِ الحذفِ: (ثَنَاْءِنْ) ثم (ثنَاْنْ) ثم (ثَنَنْ) بعد اجتماع الساكنينِ، الألفِ الزائدةِ، والتنوينِ. وحذفوا الألفَ هنا لا التنوينَ كما حذفوا الياءَ لما لاقتِ التنوينَ في نحوِ (قاضٍ)؛ إذْ أصلُها في الرفع (قاضِيُنْ) ثم (قاضِيْنْ) ثم (قاضِنْ = قاضٍ)) انتهى.
ـ[أبو عبد الملك الرويس]ــــــــ[25 - 06 - 2014, 10:47 م]ـ
مقال مفيد؛ فلكم الشكر عليه.
*ويمكن لقائل أن يقول: إنّ التنوين في نحو: (ثناء) بعد حذف الهمزة منه كالتنوين في (تُقًى)؛ لبقاء آخره بعد حذفه على الألف (ثنا)، فإذا كان التنوين مِن نحو: (ثناء) يُحذف منه في حال الوقف عليه مع وجود حرف الهمز فيه؛ فإنّ حذف التنوين مع حذفه أولى، ويكون التنوين في هذه الحال كتنوين (تُقًى) ونحوه.
¥