3. التصرّف في المتن من غير استناد إلى منهج علمي، ومَثَّل الشيخ الغامدي لذلك بطريقة الشيخين في جعل قَيْد الكلمات القرآنية مخالِفًا لفظها، ما لم يختلّ البيت عَروضيًا، ولم يُعَلِّلا صنيعهما بأنهما اعتمدا في ذلك على نسخة خطّية عالية، أو نقل مُوَثَّق عن الشاطبي ... ثم ذكر تعليلاتهم، وقال: وظاهرٌ من مجموع تعليلات الشيخين أنهما اعتمدا فيما صنعا على استحسانهما من غير استناد إلى منهج علمي، وهذا –بلا ريب- مخالِفٌ منهاجَ التحقيق العلمي.
وقد بلغت التغييرات على هذا النحو عند الشيخ الزُّعبي: (202) اثنين ومئتي تغيير، وعند الشيخ أيمن: (194) أربعة وتسعين ومئة تغيير.
وقد راعى الشيخ الغامدي الرجوع إلى آخر نشرة لتحقيق الشيخ الزعبي، وهي التي صدرت سنة 1433هـ، وأما تحقيق الشيخ أيمن فليس له إلا طبعة واحدة.
وهذا الإحصاء للأخطاء مبنيٌّ على مقابَلَة تحقيق الشيخين على النسخ الست العتيقة التي قابل الشيخ الغامدي عليها طبعته للشاطبية، وهي نسخ عالية، بل اثنتان منها قُرِئتا على الإمام السخاوي –أجلّ تلاميذ الشاطبي-، وقوبلتا بأصله، وعليها خطّه.
والإحصاء كذلك مبنيٌّ على مقابلة تحقيق الشيخين على شروح كبار الشرّاح: السخاوي، والهَمَذاني، والفاسي، وأبي شامة، والجعبري، الذين لهم اتصال وثيق وعالٍ برواية الشاطبية.
وقد ذكر الشيخ علي الغامدي أدلّة الشيخ أيمن سويد على صنيعه هذا، ثم أجابَ عنها جوابًا شافيًا.
ومما أخذه الشيخ الغامدي على الشيخ الزُّعبي إثباته تقريظات الشيخين الزيّات، والمرصفي -رحمهما الله- في طبعته الأخيرة عام 1433هـ، رغم أن التقريظات كانت على الطبعة الأولى عام 1409هـ، وبين الطبعتين فرق كبير في ضبط النص، لا يُعلَم أيرتضيه الشيخان الزيّات والمرصفي أم لا.
ونبّه الشيخ الغامدي على خطأ منهجي انفرد به الشيخ أيمن سويد، وهو: سياق أسانيد الشاطبية مساق أسانيد القرآن ...
أما القسم الثاني فهو: الأخطاء غير المنهجية:
وهي مخالفات -غير ما تقدَّم في الأخطاء المنهجية- ليس لها أصل في النسخ الستّ العالية التي اعتمد عليها الشيخ الغامدي، وليس لها أصل كذلك في شروح كبار الشراح المتقدِّم ذكرهم.
وقد بلغت هذه المخالفات عند الشيخ تميم الزعبي: (98) ثمانيًا وتسعين مخالفة.
وبلغت عند الشيخ أيمن سويد: (78) ثمانيًا وسبعين مخالفة.
وذكر الشيخ الغامدي من الأخطاء غير المنهجية: عدم اطّراد الشيخين في إلحاق الصِّلات اللازِمة والمستحسَنة بالنظم، حيث تركها الشيخ تميم غالبًا، وترك بعضها الشيخ أيمن، على أن ترك بعض الصِّلات يُخِلُّ بوزن البيت من أصله، وبعضها الآخر يخلّ بكمال الوزن.
المبحث الرابع: وصف نُسَخ الشاطبية ورواياتها المعتمَدة في التحقيق.
اعتمد الشيخ علي الغامدي في تحقيقه على ست نسخ:
الأولى: نسخة تشتر بيتي، بدبلن، بإيرلندا:
وهي نسخة ضمن (فتح الوصيد) للسخاوي.
ورقمها: 3926، وتقع في خمسين ومئة لوح، كل لوح ورقتان، في مجلد واحد، وكُتبت بخط واضح، وقد كتبها: محمد بن عمر بن أبي طاهر بن عثمان بن عيسى الإسكندري، وقد فرغ منها يوم الخميس لسبع وعشرين خلت من شهر شعبان، سنة: اثنتين وعشرين وست مئة (622هـ).
وهي مشكولة في كثير من أبياتها، وقليلة الأخطاء.
وهي نسخة تامّة، بها طمس يسير، وعالية، ونفيسة، فقد قرأها ناسخها على السخاوي، وقوبلت بأصل السخاوي، وعليها خطّه.
وقد اتخذها الشيخ الغامدي أصلاً فيما قبل فرش الحروف، ولم يتخذها أصلا من الفرش إلى نهاية النظم؛ لأنه وجد نسخة أمثل منها، وهي النسخة الآتية.
النسخة الثانية: نسخة دار الكتب المصرية بالقاهرة:
وهي نسخة ضمن (فتح الوصيد) للسخاوي
ورقمها: 255، في تفسير تيمور، وتقع في سبعة ومئتي لوح (207)، في كل لوح ورقتان؛ إلا اللوح الأول، فليس فيه إلا ورقة واحدة، وتقع هذه النسخة في جزء واحد، وكُتبت بخط نسخى متميّز، وقد كتبها المقرئ: محمد الأنصاري.
والشكل غالب على أبياتها، وأخطاؤها قليلة.
وهي نسخة لا يوجد فيها إلا من فرش الحروف إلى آخر النظم؛ إلا تسعة أبيات سقطت من (باب مخارج الحروف وصفاتها التي يحتاج القارئ إليها)، وفي النسخة طمس يسير.
وهي نسخة عالية، ونفيسة جدًا، فقد قُرِئت على السخاوي ثلاث مرات، قرأها ناسخها، وأبو إسحاق إبراهيم بن داود الفاضلي، والشيخ محمد بن عبد المنعم القرشي.
¥