" 6 "
مادة في الرسائل الأدبية
حاولت في الفصول السابقة أن أصور جوانب من اللقاء بين الأدبين اليوناني والعربي عن طريق الترجمة، وسأحاول فيما يلي أن أتحدث عن طرق أخرى تم فيها استخدام الفكر الإغريقي في قالب أدبي عربي، سواء أكان ذلك القالب رسالة أو شعرا أو مقامة، وسواء أكان اللقاء بين الأدبين اقتباسا للمضمون أو محاكاة له.
ولعل من أول ضروب هذه اللقاءات اقتباس عبد الحميد الكاتب المعارف اليونانية في السياسة، واستخدامها في رسائله، وقد حاول الدكتور طه حسين أن يقول إن أسلوب عبد الحميد متأثر ببعض معالم الأسلوب اليوناني (?) ، ولكن هذه القضية ليس من السهل إثباتها أو القول برأي قاطع أو محتمل فيها، والأقرب إلى الاحتمال أن عبد الحميد كان مطلعا على ما ينقل في عصره من الثقافات المختلفة وخاصة الفارسية واليونانية. فأما الفارسية فهناك إجماع من الروايات على أن عبد الحميد كان صديقا لابن المقفع، وكان ابن المقفع؟ دون ريب - داعية للثقافة الفارسية بما ينقله أو يترجمه أو يلخصه عنها، ومن المستبعد؟ والصلة وثيقة بين الرجلين - ألا يتأثر عبد الحميد بذلك اللون من الثقافة. وأما اليونانية فإن عبد الحميد كان ختنا لسالم مولى سعيد بن عبد الملك، وكان سالم كاتبا عند خلفاء بني أمية حتى عهد هشام بن عبد الملك ولا يستبعد أن يكون