وكان كتاب الشفاء أيضا معتمد حازم القرطاجني (684/1285) في تصوره للشعر اليوناني، فهو ينقل عن ذلك الكتاب في غير موطن من كتابه: " منهاج البلغاء وسراج الأدباء " ومن خلاله يكرر ما قاله الفارابي وابن سينا عن اعتماد كل نوع شعري عند اليونان على وزن حاص (?) . ويضيف إلى ذلك ثلاثة مفهومات أخرى وهي:

1 - أن الشعر اليوناني يرتكز إلى الأساطير والخرافات التي تفترض وجود أشياء لا حظ لها من الواقعية.

2 - أن الشعر اليوناني أيضا يتكئ على خرافات حول أمور موجودة، تشبه خرافات كليلة ودمنة وخرافة " ذات الصفا " التي ذكرها النابغة الذبياني.

3 - أن لهم طريقة خاصة في الشعر يذكرون فيها انتقال أمور الزمان وتصاريفه وتنقله (?) .

فإذا تجاوزنا هذه المفهومات لم نجد لليونان نصيبا كبيرا في الشعر، ولهذا ما يزال حازم يعتقد أن الشعر اليوناني ضيق المجال إذا هو قيس بالشعر العربي، ويذهب إلى أن " أرسطو " لو عرف الإبداع في الشعر العربي لزاد ما وضع من القوانين الشعرية (?) ، وهو قول يناقض ما قاله الفارابي (?) . وإنما جرا حازما على قوله هذا ما وعد به ابن سينا في آخر كتاب الشعر بقولة: " ولا يبتعد أن نجتهد نحن فنبدع في علم الشعر المطلق؟ كلاما شديد التحصيل " فكأن حازما ظن أن ابن سينا كان ينوي أن يضيف قواعد جديدة؟ بناء على الشعر العربي - إلى القواعد التي وضعها أرسطاطاليس (?) .

وقد يحسن بنا أن نتوقف هنا، لنتذكر طبيعة التحول الذي طرأ على فكرة الجاحظ بأن " فضيلة الشعر مقصورة على العرب "، وكيف ساعد الانفتاح على الأمم الأخرى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015