يكون البطل فيها متنكرا، فهي تقع بين " عقد " و " حل "، قصيري الأمد، ويكون الحل إشباعا للتشويق، ويصبح " الانكشاف " مدعاة للارتياح وسبيلا إلى طمأنينة النفس. وحين نستعمل هذه المصطلحات، أعني: العقد والحل والأنكشاف، فلسنا نعني أن المقامة متأثرة بالنظرية الارسطاطاليسية في " التراجيديا "، وبعبارة أخرى لا نعني أن " المقامة " وليدة جو يوناني، إذ يبدو أن المقامة وليدة جو محلي لا علاقة له بالدراما اليونانية، ولكن الذي نحب أن نؤكده هنا، هو أن ولادة هذا الفن الذي لم تعرفه الآداب الأخرى؟ فيما نقدر - كان يرضي رغبة روائية لدى العرب كتلك الرغبة التي وجدت رضاها عند غيرهم في الدراما.
ومثلما أن المقامة لم تجد حتى اليوم من يتوفر على إبراز أهميتها الدقيقة بين الأشكال الأدبية كذلك كان حظ أثرها، ذلك أن سعة المجال الذي يمكن أن تغطيه المقامة؟ حسب سعة الحياة الإنسانية - قد جعل أثرها مترامي الأطراف، وأتاح للأدباء؟ بعد البديع - مجالا للتخصص، فثمة من اكتفى من المقامة بالنقد الأدبي (?) ، ومن رصد فيها الحياة الريفية (?) ، ومن اتخذها قالبا لوصف الرحلة ومن اجتزأ منها بوصف العناصر الجزئية إبراز لمقدرته الأدبية (?) ، وآخرون قد فتنتهم قدرة البديع في وصف الطعام والمائدة، وهذا هو ما عمد إليه بعض كتاب مصر في العصر الفاطمي (?) ، وفي مقدمتهم العميدي، فإن في رسالته المطبخية (?) محاولة واضحة لمحاكاة بديع الزمان.
وقد كانت المقامة المضيرية من أكثر المقامات تأثيرا في من جاء بعد البديع، فهي في