وبعد ابن حمدون نجد أسامة بن منقذ (584/ 1188) يدرج هذخ الرسالة ضمن كتابه " البديع في نقد الشعر " (?) ، مصرحا بنسبتها للحاتمي، ويتبين لدى مقارنة جميع الصور التي وردت فيها الحاتمية؟ بما في ذلك بديع أسامة - أن ثمة اختلافا كبيرا في ترتيب فقرات الرسالة، واختلافا كبيرا في عددها (?) ، وواضح أن الخطر في ذلك كله انزلاق المقارنات عن مواضعها الصحيحة، ودمج حكمة وبيت لا علاقة بينهما، ومفتاح ذلك ما ورد في طبعه فؤاد أفرام البستاني فإن رقم 100 فيها مكرر، وهو بعينه قد ورد في رقم: 44 وفي كل مرة ذكرت الحكمة وذكر معها بيت مختلف، والحكمة هي: من صحة السياسة أن يكون الإنسان مع الأيام كلما أظهرت سنة عمل فيها بحسب السياسة، والبيت المقترن بها أول مرة هو:

كلما انبت الزمان قناة ... ركب المرء في القناة سنانا وهو في المرة الثانية:

وكل امرئ يولي الجميل محبب ... وكل مكان ينبت العز طيب وليس بين البيتين والحكمة أدنى علاقة، وإذا استطعنا عن طريق التأويل المتعسف للبيت الأول أن نجد فيه إثارة من شبه بالحكمة نفسها فإن البيت الثاني منقطع الصلة بها تماما.

وهذا ضعف عام يعتري كثيرا من فقرات الرسالة، وليس مرده إلى اضطراب النساخ وحسب، بل إلى المؤلف نفسه أحيانا، فإنه كان يعتمد أبسط صور التشابه الظاهري ليقيم علاقة بين حكمة وبيت، دون أن يفتش بدقة عن الاختلاف الواسع بينهما. فقول أرسطو " الذي لا تعلم علته لا يوصل إلى برئة " منقطع الصلة بالبيت المقترن به وهو:

ومن جاهل بي وهو يجهل جهله ... (?) ويجهل علمي أنه بي جاهل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015