الفصل السابق - وأننا هنا إزاء شعر جميل، إلا أنه يتوكأ في بعض معانيه على الثقافة اليونانية.
وقد كان طلاب الثقافة اليونانية أكثر من غيرهم وعيا بتلك الصلة بين الثقافتين العربية واليونانية، فهم إذا قرأوا سقراط وقد سئل لماذا لا يرى عليه أثر الحزن: " لأني لا أملك ما أحزن عليه إذا عدمته "، ذكروا به قول الشاعر:
فمن سره أن لا يرى ما يسوءه ... (?) فلا يتخذ شيئا يخاف له فقد وإذا وجدوا: " الحسدة مناشير أنفسهم " (?) أو " الحسود منشار أهله، فإنه لفرط أسفه وغمه بما نال غيره من الخير يكون كأنه يشقق نفسه " (?) قرنوا به قول شاعر آخر (?) :
اصبر على مضض الحسود فإن صبرك قاتله ...
كالنار تأكل بعضها ... إن لم تجد ما تأكله بل إن بعضهم؟ على سبيل التساهل - لا يقول ان هذا القول يذكر أو يقرن بقول هذا الشاعر أو ذاك وإنما يقول أخذه الشاعر، كما فعل صاحب صوان الحكمة حين أورد هذا القول المنسوب لارسطاطاليس: " العشق همة نفس فارغة لا شغل لها " (?) فقال: أخذه الأخطل فقال:
وكم قتلت أروى بلا دية لها ... (?) وأرى لفراغ الرجال قتول