على هذه " العالمية " في الشيوع المشاركة. يقول بطليموس: " من كتم السلطان النصيحة والطبيب ما به من الداء، والأخ الشقيق العالم ما ينبغي أن يفضي اليه من السر فقد أرداد المصيبة لنفسه " (?) وفي كليلة ودمنة: " فإن من كتم السلطان نصيحة، والأطباء مرضه، والأخوان رأيه كان قد غش نفسه " (?) ، وفي حكم بطليموس: " وينبغي للسلطان أن يعرف أولياءه على منازلهم بقدر الذي عندهم من الفضل والدين والمروءة، ثم تكون منازلهم عنده واستعانته بهم على قدر الذي عند كل واحد منهم من الغناء والمنفعة " (?) ، وهذا مشبه لما في جاء في كليلة ودمنة: " ثم ان على الملك بعد ذلك تعاهد عماله والتفقد لأمورهم حتى لا يخفى عليه إحسان محسن ولا إساءة مسيء، ثم عليهم بعد ذلك أن لا يتركوا محسنا بغير جزاء، ولا يقروا مسيئا ولا عاجزا على العجز والإساءة، فإنهم ان ضيعوا ذلك وتهاونوا به، تهاون المحسن واجترا المسيء ففسد الأمر وضاع العمل " (?) . وقد يطول بنا القول لو ذهبنا نورد النصوص المتشابهة أو المشتركة بين كليلة ودمنة والحكم اليونانية، وبحسابنا أن نختم هنا بمثل واحد فقد جاء في خاتمة - كليلة ودمنة. " إن الآمر بالخير ليس بأسعد من المطيع له فيه، ولا الناصح بأولى النصيحة من المنصوح له بها، ولا المعلم بأسعد بالعلم ممن تعلمه منه " (?) . ومن الطريف أن تكون هذه هي فاتحة رسالة منسوبة إلى أرسطاطاليس، خاطب بها الاسكندر، يقول فيها: " ليس الأمر بالخير أسعد به من المطيع له، ولا المعلم أقل انتفاعا بالعلم من المتعلم، ولا الناصح أولى به من المنصوح له بالمديح متى قبل " (?) . ذلك حسبنا في هذه المقارنة، فإن المضي فيها. يخرج بنا عما أردناه لهذا الفصل.
على أية حال لا أدري متى قل الميل إلى نقل الحكم والأمثل في صورة نظم، فإننا نجد ذلك الميل ما يزال قويا في عصر الثعالبي من منتصف القرن الخامس -