ملء العيبه (صفحة 92)

قال الإمام أبو عمرو: قد افتتنت العامة بهذا الجبل في زماننا، وأخطأوا في أشياء من أمره، منها أنهم جعلوا الجبل هو الأصل في الوقوف بعرفات فهم بذكره مشغوفون، وعليه دون باقي بقاعها يحرصون: وذلك خطأ منهم، وإنما أفضلها موقف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي سبق بيانه.

تنبيه وحسرة: ترك الجمع على سنته في موضعه، وصاروا يصلون بإمام يتم لهم، ولا يحسن السنة أما موقف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويؤخر الظهر إلى قريب العصر، فينتظره كثير من الجهال، ويصلي أهل العلم فرادى أو مجتمعون في رحالهم ثم يجيئون إلى موقف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

والذي ظهر من الحكمة الشرعية في مبيت الناس بمنى، وإقامة الصلاة بمسجد إبراهيم، ثم المجيء إلى الموقف أن يصل الناس وتلك الأمكنة المطهرة طاهرة، ولم يبق إلا التشاغل بالذكر والدعاء، وأما الآن فتصبح تلك العرصات المشرفات، وقد ملئت فضلات آدميات وبهيميات، وإن شئت قل في الجميع بهيميات.

ولقد جهدنا أن نجد موضعا للصلاة طاهرا فما وجدناه إلا أن يصلي على حائل يوضع على الأرض حتى على الصخرات المباركات، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ومما تطوفنا عليه أيضا مسجد إبراهيم إذ كنا قد نزلنا بآخر عرفات من جهة مكة شرفها الله، ثم رحلنا إلى الموقف الذي كانت الصلاة تجمع فيه قبل أن تغير الأمور، ويضعف الآمر بالمعروف ويخاف الناهي عن المنكر، وحائطه القبلي على بطن عرنة، وضبطها بضم العين المهملة وفتح الراء والنون، يقال له أيضا مسجد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015