وهذا الذي قاله أبو عبيد ونقله كله صحيح إلا قوله: إنه جبل رمل فليس كذلك، وإنما هو جبل مرتفع من حجر صلد، وقد نبتت منه أجبل بعضها أكبر من بعض، يسمى بعضها النبعة وبعضها النبيعة بالتصغير جريا على خيالات العرب في تسمياتها كأنهما نبعتا منه، ولم نجد من يعينهما لنا لكن التسمية تشعر بتعيينهما من جملة تلك الأحجار والصخور الكبار التي هناك، كما تعين النابت منها لأنه ضرس قائم، والصخرات التي بإزائه يمكن الصعود عليها، وإن تكلف في بعضها إلى أن يحصل الصعود، فتكون محلا حاملا للراكب والراجل، وبإزائها قطع من أجبل في الرمال، لا يمكن الصعود عليها، منفصل بعضها عن بعض، وأما هذه الصخرات فقريبة الاتصال ببعضها ببعض.
وقال الإمام أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله: وجاء في الحديث تسميته جبل المشاة لكون الرجال تقف عليه، وتسمى الأجبل الصغار المذكورة النبعة والنبيعة والنابت.
وروى مسلم في صحيحه عن جابر: «أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركب إلى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل جبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة» .
وضبطه غير واحد من المصنفين حبل المشاة بالحاء وجعله من حبال الرمل وهو ما استطال من الرمل مرتفعا.