ومما قلت في وصف تلك الليلة:
يا ليلة في الآل ... يا حسنها بين الليالي
عدد النجوم شموعها ... قد نظمت نظم اللآلي
وقلت أيضا في المعنى واصفا ذلك المغنى:
بدا الآل في ليالي جمعنا ... في عرفات والسعود تسعد
يحكي ثريا الختم نظم شمعه ... أو نرجسا في ربوة ينضد
أو النجوم الزهر قد تجمعت ... فنورها متسق مجسد
أستغفر الله من هذا المقال، وأسأله الصفح عما جرى مما يوهم استحسان هذه الحال، بل هذه الحالة من قبيح البدع، التي يجب أن يزجر عنها فاعلها ويردع وقد نبه على ذلك الإمام الفاضل جمال الدين أبو عمرو بن الحاجب، الفقيه المالكي، وبين قبح هذه الحالة التي استحسنها العامة، وبين ما أخطأ فيه الناس من أمر هذا الجبل فقال رحمه الله.
ومنها إيقادهم النيران عليه ليلة عرفة، واهتمامهم لذلك باستصحاب الشمع له من بلادهم واختلاط النساء بالرجال في ذلك صعودا وهبوطا، بالشموع المشعلة الكثيرة، وقد تزاحم المرأة الجميلة بيدها الشمعة الموقدة كاشفة عن وجهها، وهذه ضلالة شابهوا فيها أهل الشرك في مثل ذلك الموقف الجليل، وإنما أحدثوا ذلك من قريب حين انقرض أكابر العلماء العاملين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وحين تركوا سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحصولهم بعرفات قبل دخول وقت الوقوف بانتصاف نهار يوم عرفة لكونهم يرحلون في اليوم الثامن من مكة إلى عرفة رحلة واحدة، وإنما سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسير في الثامن من مكة إلى منى، والمبيت بها