فجاوبه نصير بقوله:
ومذ عرفت الحمام ظلت فتى ... لطف يداري من لا يداريه
أقبل عذرا من كل معتذر ... وأطلب الرزق عند باريه
أعرف حر الأشيا وباردها ... وآخذ الماء من مجاريه
وعلى ذكر الحمامي والحمام، ما أنشدنا بعض أصحابنا لبعض المشرقيين في وصف طياب:
وقيم كلمت جسمي أظافره ... بغير ألسنة تكليم خرصان
إن أمسك اليد منى كاد يخلعها ... أو سرح الشعر عند الغسل أبكاني
فليس يمسك بالمعروف منه يدا ... ولا يسرح تسريحا بإحسان
ومما وجدته للأديب البارع أبي عثمان سعد بن عَبْدِ اللَّهِ الأقوبي، رَحِمَهُ اللَّهُ ملغزا في مضاوي الحمام وهو من النثر الجيد في معناه.
ما نجوم اشرقت في سماء، تنير مع الضياء وتخفي عند الظلماء، يهتدى بأنوارها الساطعة، إذا كانت الشمس طالعة، وإن من أعجب الأمور، أن انكدارها يقضي بزيادة النور، فيا ذا الذهن الثاقب، أنبئني ما هذه الكواكب؟ لو قَالَ: يهتدي بأنواها الباهرة، ما دامت الشمس ظاهرة لكان عندي أحسن.
ووقفت بإفريقية على جزء صنفه المحدث الرواية العدل أمين الدين أَبُو الْقَاسِمِ عبد الرحيم بن أَحْمَدَ بن عَلِيِّ بْنِ طلحة الأَنْصَارِيّ، الخزرجي، ذكر فيه الأحاديث الواردة في ذكر الحمام، وختمه بأبيات مما يليق بذكر الحمام، رأيت أن أوردها هنا، ليتضمن اسم هذا الحمامي، ما يصلح أن يحاضر به في الحمام، قَالَ في آخره: شاهدت في صفة حمام بإشبيلية مكتوبا:
أتصعب الحمام من فرط حره ... وتنسى لهيبا في فؤادي وأضلعي
وما اشتق إلا من لهيبي لهيبه ... وما ماؤه إلا بقية أدمعي