وسنى في جميع محاولاته مراده، جوابا واحدا ولم ينسبه، وكتبته من خطه، وهو هذا: حقيق بمن اختاره الله لمصره عزيزا، واصطفاه من أهل عصره، فأوفى عليهم تبريزا، وخليق بمن كان لصدور المحافل زينا، ولأعيان الصدور عينا، وبمن أحكمت الأواصر في مودته عقدا، ولويت الخناصر، على فتوته كرما ومجدا، أن يفتح لعافيه من إسعافه مرتج الأبواب ويمنح موافيه من إسعاده أبهج الأسباب، ولا يجوز له وقد ارتدى بحلة الكمال، واغتدى في حلية الجلال، أن يصرف وجه إنصافه، عن طالب إسعافه، ولا يلفت ليت إشفاقه عن خاطب إرفاقه، لاسيما إذا وثق بأنه يمير بنمير موجوده، وعلق بأن سؤاله يثير كثير إحسانه وجوده، وهذا الفاضل وإن كان منكفيا في كسر الانكسار، لعدم اليسار، مختفيا، في خمل الخمول، للخطب المهمول، فقد أحرز من الفضائل منزلة مشيدة الأركان، وبرز بإجماع الأفاضل في حلة معلمة الأردان، وحسبك بما نجم من فتواه من نجوم البديع، حالية بالمقابلة والترصيع، خالية من المقابلة والتربيع، فالإنشاء كلمة مجموعة وهذه نتيجتها ومعناها، ودوحة خضرة، وهذه ينعها وجناها، وإذا تقرر ذلك فالمذهب المهذب في شرع الكرام، الحكم بنهاية المطلب ونيل المرام.
ومن جملة من كتب جوابا عن هذا الاستفتاء ناصر الدين نصير المنياوي، وذكر لي الجمال المغربي المستفتي المذكور أنه وقع لنصير في هذه المجاوبة بيت شعر أثناء الجواب، استحسنه كل من سمعه لجودة نظمه وخفاء التعريض فيه وهو:
عين المروءة في إنسانها أبدا ... نور يرى سر أرباب الضرورات
ومن ترسيل الجمال المغربي المذكور ما سمعته عليه بقراءة رفيقي الوزير الجليل الماجد الكامل الأصيل أبي عَبْد اللَّهِ بن الحكيم، أحكم الله معاقد مجده، وثبت