ما يَقُولُ السادة الأمجاد، والقادة الإنجاد، كنوز المفاخر، ومعادن المآثر، أهل المجد السامي، والرفد إلهامي، والحسب التليد، والأدب العتيد، في متعفف متكفف، في خمل الخمول مختف، والى كسر الانكسار منكف، لا تمتد إليه راحة براحة، ولا يجد من المواساة ما يأسو به جراحه، ولشدة ما مني به من خصاصة الإفلاس، لا يرى مادة الحياة إلا في الأحلام أو في أيدي الناس، يمسي وأساود الهموم تساور سويداء قلبه، ويصبح وغمام الغموم يكف بما يزيد في كربه، ولا ينفك يعالج بالمنى، قلبا بجمرات الحسرات اكتوى، ويصون عن التبذل، وجها بماء الحياء قد ارتوى، أوى إلى عزيز مصره، وفريد عصره، ومن زكت منه الأواصر، وعقدت عليه الخناصر، وازدانت به صدور المحافل، ودانت له صدور الجحافل، وألقت إليه الرياسة عصا تسيارها، وابتسمت له ثغور السعود وضمته عواصم أسوارها، ليفتح له من الإسعاف بابا مرتجا، وليسبغ عليه من الإسعاد ظلا سجسجا، وليبوئه من الإكرام جنة دانية القطاف، وليورده من الإنعام موارد عذبة النطاف، وليقوم مناد حاله يتثيقف نظره، وليدني منه غنى طال عليه مطال منتظره، ثقة أنه يمير بجوده النمير، وأن السؤال يثير إحسانه الكثير وأن دفع العسير عليه يسير، أفيجوز، لهذا المكمل المؤمل، أن يلفت وجهه عن هذا المذلل المعلل، وأنه إذا شكا إليه ضنك عيشته لا يشكيه، وإذا رآه لقى بين أيدي الجوائح لا يندبه ولا يبكيه، ويتركه والأيام تغاديه وتراوحه بنحوسها، وتضفي عليه من الضرورة لبوس بوسها، وتقطع طرق المناجح على رواد قصوده، وتحكم اليأس على رجائه فتديل مقصوره على ممدوده، ولم يرقب فيه إل ولاء، ولا ذمة انتماء، أفتوا بمقتضى الفتوة، ومروا بمرتضى المروة، مفضلين محسنين، على ممر الإعصار والسنين.
انتهى الاستفتاء، وكتب في الجواب عليه عدد كثير، وجمع كبير من فضلاء المصرين وأدبائهم وعلمائهم أراني من ذلك جملة في بطائقها، وقال لي أريد جمعها في كتاب يضم نشرها، ويبقي أثرها ويخلد خبرها.
وكتب منها صاحبنا الفاضل الوزير الكامل أَبُو عَبْد اللَّهِ وصل الله إسعاده