ملء العيبه (صفحة 278)

الأطعمة ما لا يأخذه الوصف، ويقيم أمير الركب في ذلك الموضع أياما حتى ينصرف أهل كل بلد إلى بلدهم، وحينئذ يسير الأمير ببقية الناس.

فرحلنا منه متعجلين قبل الأمير مع الجمالين الذي اكترينا منهم، غدوة يوم الأحد السادس والعشرين، فوافينا موضعا يسمى نخيلا وفيه بئر ومصنع الماء وغدر، ويوم الثلاثاء الثاني والعشرين، ورحلنا منه ضحوة يوم الأربعاء إلى موضع يعرف بالقباب، وافيناه ضحاء يوم الخميس فقلنا هناك، وفيه مصانع للماء كثيرة في جباب مقبوة، وفيه غدر، ورحلنا منه بقية اليوم.

وأهل علينا هلال صفر، جعله الله هلال يمن وسعد، بمنعرج ذلك الوادي، ليلة الجمعة، ثم سرنا منزلا منزلا والجمالون يستعجلون بنا فعدمنا الماء، فجددنا السير، فوافينا ليلة الأحد الثالثة لصفر منزلا بمقربة من الموضع الذي يسمونه البويب، نزلناه عند غروب الشمس، ونحن عطاش، ولقلة جمعنا من الركبان لم نجد من نشري منه ماء، ولا من يتصدق به، ولقد أغلى رفيقنا الوزير الفاضل أَبُو عَبْدِ اللَّهِ في تلك الليلة في ثمن شيء منه فما وجد، إلى أن تفضل بعض من كان في ذلك الركيب بالتصدق بصطل منه، توزعه الأصحاب، وكنت راكبا وكان بعض صحبي ماشيا قلدته بعضي، والله يرزق العون بمنه، فألهم الله، وله الحمد والشكر، إلى أن تعشى الجمال وتأخذ في الرحيل، ففعلنا ذلك ورحلنا منه عند العشاء الآخرة، فسرنا ليلتنا نجد السير بليلة نابغية، أبطأت كواكبها ولم يؤب عازبها، أو حجرية شدت نجومها بأمراس منعت أن. . . . . . . بقرب من الأفق غاربها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015