عدمت أو كادت حتى صار الناس يطرحون حوائجهم، وكثر المشاة من المخدرات والأطفال، وكان الأمير حسن السيرة فسار بالناس سيرا رفيقا، وارتفق الناس بعضهم ببعض، وأركبوا بعضهم بعضا، وأبرد الأمير بردا إلى أطراف الشام لتدارك الناس بالطعام والركاب، فكان أول ركب لقيناه بعيون القصب، وكانوا يبيعون ما قدموا به رطلا أو نحوه بدرهم من أي شيء كان، ثم بعد ذلك تلقانا الناس وتباشروا بالسلامة، وسمعتهم عند تلاقيهم يقولون: الحمد لله على جمع الشمل وطول الأعمار.
وكان من جملة ما وردناه أيضا مغارة شعيب عليه السلام، وهو ماء مدين ومدين بلد جذام، ومدين. . . . . . . أحد بني وائل بن جذام، ويروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ لوفد جذام: «مرحبا بقوم شعيب وأصهار موسى ولا تقوم الساعة، حتى يتزوج فيكم المسيح ويولد له» ، وجدت هذا الحديث بخط الكاتب الأوحد العلامة النقاب أبي عبد الله بن أبي الخصال رضي الله عنه.
وهذا الماء مورد معين جدا، في مغارة منقورة في حجر، ينزل إليها بأدراج متسعة بحيث يتلاقى فيها الصاعد والنازل وهى شبه صهريج مملوءة عذبا طيبا.
ووافينا عقبة أيلة يوم السبت الخامس والعشرين من شهر محرم وهذا الموضع تصنع فيه سوق عظيمة يجتمع فيها الرفاق والتجار عند توجه الناس للحج وعند قفولهم من البلاد الشامية والمصرية بأنواع المرافق وصنوف التجارات، وينصب فيه من الحوانيت ما يوجد في المدن العظام، ورأينا فيه من الاستعداد بأنواع