رؤيا صالحة تدل على أعمال له ناجحة: أخبرني رفيقي الوزير أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بن أبي القاسم، قَالَ: كنا بمكة جلوسا مع صاحبنا أبي محمد البسكري وأبي محمد الطبيري، قَالَ: فأغفى الطبيري واستيقظ متعجبا، فقال: رأيت الساعة عينا تنبع يعني بيننا أو عندنا في الأرض ومطرا ينزل عليها من السماء مسامتا لها، قَالَ: فمد أبو محمد البسكري يده من كمه والسبحة في يده يحركها فقال: هذه هي العين النابعة، صدق صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنه لم يبق من المبشرات إلا الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له» .
ذكر سفرنا من مكة شرفها الله قافلين إلى طيبة زادها الله طيبا رحلنا من ظاهر مكة شرفها الله بعد ظهر يوم الاثنين، الخامس عشر لذي حجة، راغبين إلى الله تعالى في القبول، مزمعين بمشيئة الله على العود إلى حضرة الرسول، داعين يبلوغ السول، فما زلنا نسير منزلا منزلا، متعرفين البركة في كل إقامة وحركة، إلى قريب الفجر من الليلة الخامسة والعشرين، وقد شارفنا المدينة شرفها الله، فنزل مطر وابل، ولمعت بروق ملأت ما بين السماء والأرض، وعشيت الجمال وماد بعضها على بعض حتى انقطعت الأنساع، وتكسرت الهوادج وعاينا أمرا هائلا كهول البحر حالة اغتلامه، فوقف الناس ساعة عن المسير، ثم أديل من العسر اليسر، وأشرق الفجر، وسرنا حامدين لله شاكرين إلى أن وافينا المدينة على ساكنيها الصلاة والسلام، عشي يوم الخميس من صبيحة اليوم الخامس والعشرين.