دون سبب يرجع إليه، فارتجل جملة أبيات سمعناه منه، فعلق بحفظي منها:
عليكم سلام الله إني عائد ... إلى حيث لا أخزى ولا أتندم
إلى حرم فيه لقوم هداية ... وفيه لأرباب المطالب زمزم
ومن عرف الرزاق سكن سره ... ودر عليه الرزق من حيث يقسم
ثم ودعنا، وعاد إلى خير معاد، وهو الآن مقيم بها، مغبوط الحال، محمود الخلال، تقبل الله جواره، وأجاب في تلك المعالم الشريفة جؤاره.
وكان نفع الله به قد ركب البحر معنا من حضرة تونس، حماها الله تعالى، ومن نظمه ما أنشدناه بعض أصحابنا عنه، إن لم نكن سمعناه منه:
أملت رؤيتكم وكانت مقلتي ... ترنو إلى شيء من الأعراض
فأبت جلالة قدركم ما رمته ... حتى تطهرها يد الإمراض.
خاطب بهذين البيتين صاحبنا ورفيقنا أيضا في هذه الوجهة الأديب الصوفي المحقق الفقير المتخلق أبا محمد عبد الله بن الوزير أبي عبد الله الطبيري الشريشي المولد، السبتي المنشأ ثم التونسي الدار، وكان قد قدم تونس حماها الله، وأراد رؤيته، فاعتراه رمد منعه عن رؤيته، فلما عوفي من مرضه وتلاقيا، قَالَ هذين البيتين، وأنشدني له بعض أصحابنا:
أهلا وسهلا بالذين أحبهم ... وأجلهم مني بمنزل ناظري
قوم إذا ذكروا حديث نبيهم ... لم يخرجوه عن المراد الظاهر