ملء العيبه (صفحة 194)

وإلى الله صحبة الروح أسرى ... فحباه بزلفة واقتراب

كم محي له وكم من ملاق! ... إذ سما في السماء بالترحاب

كم مراق إلى العلا قد ترقى! ... فتحت بالمنى له كل باب

فانتهى منتهى به قد تناهى ... بالقضايا مطالب الطلاب

ثم أدنى حبا وأزلف حتى ... كان أدنى إليه من قدر قاب

وله البدر شق إذ سألوه ... آية جهرة بنص الكتاب

ليس فيها للخلق صنع فتلفي ... شبهة ما لمنكر الحق آب

شاهدته قريش والسفر أنيا ... أنهم شاهدوه عند الإياب

وله الكوثر الروي من معين ... سلسبيل يمد في ميزاب

وعداد الكواكب الزهر فيه ... من أباريقه ومن أكواب

طينه المسك حف من حافتيه ... بقصور من لؤلؤ وقباب

رب أبرد ظما أبي اليمن ريا ... بورود من شرب ذاك الشراب

لا تحلئه باقتراف لسوء ... عن ورود من مائه واكتساب

وحمام على فم الغار عششن ... فأعشين عين المرتاب

وكذا الراه إذ تولج فيه ... نبتت ثم فهي ذات انشعاب

قد توارى من كيدهم ثاني اثنين ... فكانا عن مكرهم في حجاب

واسأل المدلجي سراقة عنهم ... آب عنهم وحد عداوة ناب

إذ يَقُولُ الصديق إنا أتينا ... فانبرى عنه طرفه وهو كاب

جاء يسطو فعاد قد عاذ منه ... بأمان لنفسه، وكتاب

وإليه الأشجار مما دعاها ... قد أتته تخد خد التراب

ثم عادت إلى المنابت سعيا ... ساريات العروق في أسراب

وبكفيه سبحت حصيات ... أسمعتهم فهن ذات اصطخاب

نبع الماء من أنامله الخمس ... غزيرا مدغفقا ذا عباب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015