لما روى جابر، " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما صلى الفجر يعني بالمزدلفة، بغلس ركب ناقته حتى أتى المشعر الحرام فدعا وكبر وهلل ولم يزل واقفا حتى أسفر.
وقوله تعالى:] عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [سورة البقرة: 198] معناه مما يلي المشعر الحرام قريبا منه وذلك للفضل كالقرب من جبل الرحمة، وإلا فالمزدلفة كلها موقف إلا وادي محسر، أو جعلت أعقاب المزدلفة لكونها في حكم المشعر ومتصلة به عند المشعر، والمشعر المعلم، لأنه معلم العبادة، ووصف بالحرام لحرمته، وعن ابن عباس رضي الله عنه أنه نظر إلى الناس ليلة جمع، فقال: «لقد أدركت الناس هذه الليلة لا ينامون» .
وهناك التقطنا حصى الجمار للرمي بمنى، والمالكية تلتقط، والشافعية تكسر ولم نزل نلبي إلى رمي جمرة العقبة كما صح عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتسمى الجمرة الكبرى وهي تحية منى لا يبدأ بغيرها.
ولما رمينا جمرة العقبة اجتمعنا هناك بأصحابنا ورحالنا، وضربنا خيمنا وذبحنا نسكنا، وحلقنا وألقينا تفثنا، وفي ذلك قلت بعد من قصيد:
وفي حمى عرفات أهل عرفاتي ... وعند جمع تلاقى جمع إخواني
أكرم بهم معشرا كالزهر قد طلعوا ... في مشعر، أشعروا فيه بغفران
وفي منى نجل أبكار المنى سفرت ... تختال من كثب ما بين كثبان
وحين ملنا لخيمات لنا نظمت ... عقدا تألف من در ومرجان
قيد البصائر والأبصار بهجتها ... تعز وصفا على قس وسحبان
تخال ألوانها زهرا تفتح في ... روض فما شئت من أصناف ألوان