وما بال أدواح البطاح تأطرت ... وجرت ذيولا من غلائلها الخضر؟
وما لفصاح الطير تعلو منابرا ... تردد ألحانا على مزهر الزهر؟
وما بال أرواح الصباح تذاءبت ... تفاتح بالبشرى وتتحف بالبشر؟
نعم هو عرف من نواحي معرف ... سرى ملقيا ما حملوه من السر
ترى علموا أني فقدت خيالهم ... لفقدي الكرى، فالطيف نحوي لا يسري
فأهدوا مع الريح الشمال شمائلا ... سقتني شمولا فانثنيت من السكر
على أن بعد الدار يعذر طيفهم ... فيثنيه إن جد السرى مسفر الفجر
بشير الرياح المهديات بشائرا ... حقيق علينا أن تقابل بالشكر
فحل ضلوعي منزلا إن رضيتها ... وعذرا فقلبي بالمكان الذي تدري
ومن كبدي أقريك وهي نضيجة ... ومن أدمعي أرويك إذ لم تزل تجري
وبالله إلا ما أقمت مكرما ... لدينا، ولا ترجع سريعا على الإثر
فقال: تكفلت الجواب وإنني ... وفي بعهدي لا أميل إلى الغدر
فناديته بلغ سلامي وقل لهم: ... أقام لعذر صده ذو الهوى العذري
فكان لقائي والوداع معا فلا ... تسل كيف حالي حين ولى مع الصبر
وما زلنا نتعرف التيسير والتسهيل والصنع الجميل في كل حل وترحال إلى أن وافينا الحجر حجر ثمود ليلة الجمعة الرابعة عشرة لذي قعدة، عند الغروب ولكثرة الازدحام لم يتأت النزول حتى قضى هزيع من الليل، وبتنا تلك الليلة في الموضع المعروف بمبرك الناقة.