التوبة أن تنسى ذنبك. فقلت: وإن الأمر عندي كما قال الشاب. فقال: ولم؟ قلت: لأني كنت في حال الجفاء، فنقلني إلى حال الصفاء، فذكر الجفاء في حال الصفاء جفاء، فسكت.
أقول: وهذا حق، لأن من شرط التوبة: العمل الصالح، وذكر الذنب ربما عطل عن العمل إذا أصيب التائب بالكآبة من أجله، ويخطىء البعض فيذكرون ما كان منهم من الذنب على سبيل التسلية، وهو خطأ فاحش، وحنين إلى تلك الذنوب في الحقيقة.
والتوبة النصوح لا يبقى على صاحبها أثر من المعصية لا سرا ولا جهرا. ويقول ابن عطاء: من كانت توبته نصوحا لا يبالي كيف أمسى وأصبح، يعني: لا يبالي بما كان منه قبل التوبة، فقد محاه الله من صحيفة عمله.
والتوبة يجب أن تعم الجوارح كلها، وقد أوضح ذو النون المصري ذلك في قوله: على كل جارحة لابن آدم توبة، فتوبة القلب: أن ينوى ترك المحظورات، وتوبة العينين: الغض عن المحارم، وتوبة اليدين: ترك تناول مالا يحل، وتوبة الرجلين: ترك السعي