جاء في حديث عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أدب ابنك لست)، فحين يبلغ ابنك ست سنين تبدأ تؤدبه، فتعرفه بأن هذا غلط وهذا صحيح، فإذا تفل في وجه عمه فلا تقل: ابني هذا كبر وصار رجلاً، بل قل له: احترم عمك، فعمك مثل أبيك، فسلم عليه.
لقد كنا في الأرياف نقوم في الصبح فنقبل يد الأب والأم والأخ الأكبر، وقد ذهبت هذه العادة.
وقد قال صلى الله عليه وسلم في حق الأم: (الزم قدميها فثم الجنة)، فحين يقعد الولد أو البنت عند أرجل الأب والأم فهناك الجنة، فالجنة تحت أقدامهما.
وكذلك يعلمه على أن يقبل يد الأخ الأكبر، ولكن ليس الأخ الذي لا يصلي.
فرب الابن الأول ليكون قدوة لإخوانه، فإذا كان الولد الكبير منحرفاً يشرب السجائر، ويشهد النوادي، فإن الأولاد الصغار يكونون مثله، وحين يكون الأكبر مستقيماً يكون الأولاد كلهم على حالة من الاستقامة.
فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا بلغ ابنك ستاً فأدبه، واضربه على الصلاة والصيام لثلاث عشرة)، فحين يبلغ ثلاثة عشر عاماً فاضربه إن لم يصل أو لم يصم، فإذا بلغ الست عشرة فزوجه، وخذ بيده وقل: أدبتك وعلمتك وربيتك وزوجتك، اللهم إني أسألك بره في الدنيا وأعوذ بك من عذاب يأتي من خلفه في الآخرة.
فأرشد إلى تزويجه لست عشرة سنة، وفي زماننا لا يتزوج الرجل إلا بعد أن يكاد يشيب؛ لأننا نضع عقبات أمام الحلال، فيصير الحرام سهلاً، ولكن لو سهلنا أمر الحلال لصار الأمر ميسوراً.
ولا أريد بذلك أن يتخذ أولادنا الصغار ذلك حجة على آبائهم؛ فإنما أعني الولد ذا الست عشرة سنة الذي يعمل، لا أن تبقى إلى الخامسة والعشرين وأنت تأخذ حاجتك من أبيك ثم تريد أن يزوجك أبوك.
فإذا بلغ الخمس فأت بمن يحفظه القرآن ويعلمه ليتقن لسانه اللغة العربية؛ لأن هناك مشكلة نعانيها في إتقان العربية، وأحد أسباب ذلك المدارس الأجنبية، ففي العشرينات والثلاثينات والأربعينات لما فتحوا المدارس الأجنبية كانت مدارس للتبشير الكنسي، وكانت هذه خطة اللورد كرومر عام ألف وتسعمائة وأربعة، فعلمن المناهج العلمية في مصر، وخطب اللورد كرومر عام ألف وتسعمائة وأربعة وقال: طالما كان في مصر هذا المبنى -الذي هو الأزهر- وهذا الكتاب -الذي هو المصحف- فلن تستعمر مصر أبداً.
فكانوا مدركين ماذا يعملون، فعلمنوا التعليم، وفصلوا بين التعليم الديني والتعليم الدنيوي، فجعل الدين للأزهري فقط، مع أنه ليس هناك شيء اسمه ديني ودنيوي، فالدين هو الدنيا والدنيا هي الدين؛ لأنه يجب على الولد أن يتعلم هذا مع هذا في وقت واحد، لا أن تلقى حصة الدين في الحصة السابعة ويأخذ حصة الرياضة في الحصة الأولى.
ومنهج الدين نفسه الذي في الكتاب لا يسمن ولا يغني من جوع.
فأقول: إن ابنك أو بنتك إذا وصل إلى أربع أو خمس سنين فأت بمن يحفظه القرآن؛ من أجل أن يتكلم باللغة العربية جيداً، فيعرف مخارج الحروف، ويعرف أحكام التلاوة، ويعرف الحلال والحرام، فالقرآن كله بركة، وسوف يبارك الله في الولد، وفي الأثر: لاعبه سبعاً، وأدبه سبعاً، وصادقه سبعاً.